للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دون ما عداه، بل أفضل العبادات البدنية الصلاة ثم القراءة ثم الذكر ثم الدعاء (١) والمفضول في وقته الذي شرع فيه أفضل من الفاضل كالتسبيح في الركوع والسجود فإنه أفضل من القراءة، ثم قد يفتح على الإنسان في العمل المفضول ما لا يفتح عليه في العمل الفاضل. وقد ييسر عليه هذا دون هذا فيكون هذا أفضل في حقه لعجزه عن الأفضل كالجائع إذا وجد الخبز المفضول متيسراً عليه والفاضل متعسراً عليه فإنه ينتفع بهذا الخبز المفضول، وشبعه واغتذاؤه به حينئذ أولى به.

السابع أن أبا حامد يشبه ذلك بنقش الصين والروم على تزويق الحائط وأولئك صقلوا حائطهم حتى بمثل ما صقله هؤلاء (٢) وهذا قياس فاسد لأن هذا الرأي فرغ قلبه لم يكن هناك قلب آخر يحصل له به التحلية كما حصل لهذا الحائط من هذا الحائط، بل هو يقول أن العلم منقوش في النفس الفلكية ويسمى ذلك اللوح المحفوظ تبعاً لابن سينا (٣) .


(١) الصوفية الشرعيون كابي حامد يوافقونه في كل إلا أنهم يقولون بالإكثار من الذكر وقد تكرر في القرآن الترغيب فيه
(٢) يشير إلى المثل الذي ضربه لتطهير القلب وهو أن صناع الروم نقشوا جانباً من صفة بيت لأحد الملوك بأبدع النقوش وصناع الصين صقلوا الجانب الآخر حتى صار كالمرآة فلما زال الحجاب المضروب بينهما انطبع ذلك النقش كله في
الجانب المصقول فكذلك القلب الذي يصقل بذكر الله تعالى ينطبع فيه بعض العلوم المكتوبة في اللوح المحفوظ أو قلوب الملائكة
(٣) انما قال أبو حامد في اللوح ما قاله علماء الشرع لا الفلاسفة، وعبارته في الاحياء هكذا: فكما أن المهندس يصور أبنية الدار في بياض ثم يخرجها إلى الوجود على وفق تلك النسخة فكذلك فاطر السموات والأرض كتب نسخة العالم من
أوله إلى آخره في اللوح المحفوظ ثم أخرجه إلى الوجود على وفق تلك النسخة اهـ فهو يقول أن كتابة مقادير الخلق هي من أفعال الفاطر الاختيارية، والنفس الفلكية عند الفلاسفة قديمة أزلية بما فيها. وقال أبو حامد أن حقائق الأشياء المسطورة في اللوح المحفوظ مسطورة في قلوب الملائكة المقربين، وضرب مثلا لاستفادة القلب العلم منهم ومن اللوح بالرؤيا الصادقة واستشهد لاستعداده لذلك بحديث "سبق المفردون" وتفسيره صلى الله عليه وسلم لهم " بالذاكرين الله كثيراً والذاكرات" وهو في صحيح مسلم والمستدرك، واستشهد في فصل آخر بحديث المحدثين أي الملهين وكون عمر (رض) منهم. ولا تتسع
هذه الحاشية لبسط هذا الموضوع

<<  <  ج: ص:  >  >>