للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنبياء يأتون في اليقظة في صورهم، وثم شيوخ لهم زهد وعلم ودين يصدقون بمثل هذا.

ومن هؤلاء من يظن أنه حين يأتي إلي قبر نبي أن النبي يخرج من قبره في صورته فيكلمه. ومن هؤلاء من رأى في دائر الكعبة صورة شيخ قال أنه إبراهيم الخليل، ومنهم من يظن أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من الحجرة وكلمه. وجعلوا هذا من كراماته، ومنهم من يعتقد أنه إذا سأل المقبور أجابه.

وبعضهم كان يحكي أن ابن منده كان إذا أشكل عليه حديث جاء إلى الحجرة النبوية ودخل فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأجابه. وآخر من أهل المغرب حصل له مثل ذلك، وجعل ذلك من كراماته، حتى قال ابن عبد البر لمن ظن ذلك ويحك أترى هذا أفضل من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار؟ فهل في هؤلاء من سأل النبي صلى الله عليه وسلم بعد الموت وأجابه؟ وقد تنازع الصحابة في أشياء، فهلا سألوا النبي صلى الله عليه وسلم فأجابهم، وهذه ابنته فاطمة تنازع في ميراثه فهلا سألته فأجابها؟ (١) .

فصل

والأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه أجمعين قد أمرنا أن نؤمن بما أوتوه وأن نقتدي بهم وبهداهم. قال الله تعالى (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي


(١) في هذا أنه صح ما ذكروه لا يقتضي أن يكون من يرى في ذلك أفضل من المهاجرين والأنصار ولا من كل من لا يرى ما رآه اذ يوجد في المفضول ما لا يوجد في الفاضل ولا الافضل كما بينه المؤلف في رسالة المعجزات والكرامات
وأما المسألة في نفسها فلا شك أن أكثر ما يروي في رؤية الارواح تخيلات تعرض للمستعدين لها من المرتاضين ولا سيما أصحاب الامزجة العصبية ولذلك نرى كل واحد منهم ينقل عنها ما يوافق اعتقاده ومعارفه من حق أو باطل. وبعض الصوفية
وغيرهم يذكرون فرقا بين الرؤية الخيالية التي تشبه الرؤيا المنامية وبين رؤية الأرواح الحقيقية وهذه المسألة قد شغلت فريقاً من علماء النفس وغيرهم في هذا العصر ويحكون فيها وقائع غريبة، ولما تثبت للجماهير ببرهان علمي ولا بتجربة واضحة لا لبس فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>