للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفضل؟ قال " رجل آخذ بعنان فرسه في سبيل الله كلما سمع هيعة (١) طار إليها يتتبع الموت مظانه، ورجل معتزل في شعب من الشعاب يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويدع الناس إلا من خير " وقوله " يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة " دليل على أن له مالاً يزكيه وهو ساكن مع ناس يؤذن بينهم وتقام الصلاة فيهم فقد قال صلوات الله عليه " ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة جماعة إلا وقد استحوذ عليهم الشيطان " وقال " عليكم بالجماعة فإنما يأخذ الذئب القاصية من الغنم ".

فصل

وهذه الخلوات قد يقصد أصحابها الأماكن التي ليس فيها أذان ولا إقامة ولا مسجد يصلى فيه الصلوات الخمس إما مساجد مهجورة وإما غير مساجد مثل الكهوف والغيران التي في الجبال، ومثل المقابر لا سيما قبر من يحسن به الظن ومثل المقابر التي يقال أن بها أثر نبي أو رجل صالح. ولهذا يحصل لهم في هذه المواضع أحوال شيطانية، يظنون أنها كرامات رحمانية.

فمنهم من يرى أن صاحب القبر قد جاء إليه وقد مات من سنين كثيرة ويقول أنا فلان، وربما قال له نحن إذا وضعنا في القبر خرجنا كما للتونسي مع نعمان السلامي.

والشياطين كثيراً ما يتصورون بصورة الإنس في اليقظة والمنام، وقد تأتي لمن لا يعرف فتقول: أنا الشيخ فلان أو العالم فلان، وربما قالت: أنا أبو بكر وعمر وربما قال: أنا المسيح أنا موسى أنا محمد، وقد جرى مثل ذلك أنواع أعرفها (٢) وثم من يصدق بأن


(١) الهيعة الصوت الذي نفزع منه وتخافه من عدو
(٢) من ذلك أنه ذكر له رحمه الله أنه رؤى في بعض البلاد يعظ التتار وهو لم يذهب إلى تلك البلاد فعلل ذلك بقوله لعل بعض إخواننا من مسلمي الجن تمثل في صورتنا وصار يعظ هؤلاء الناس لاجل أن يقبل وعظه. ولم يقل أن ذلك
شيطان لأنه كان يأمر بالخير وبناء عليه لا ينبغي ان يقال فيمن يرون بعض الأنبياء أو الصحابة يأمرونهم بالحق والخير أنهم رأوا شياطين بصورتهم تأمرهم بذلك وإنما يصح أن يقال ذلك فيمن يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف شرعا كما وقع للشيخ
عبد القادر. والتحقيق أن أكثر هذه الصور خيالية سببها كثرة الفكر

<<  <  ج: ص:  >  >>