للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل حصل له بحكم الاتفاق (١) كان في قصده غير متابع له وابن عمر رحمه الله يقول: وإن لم يقصده (٢) لكن نفس فعله حسن على أي وجه كان فأحب أن أفعل مثله، إما لأن ذلك زيادة في محبته وإما لتركه مشابهته.

ومن هذا الباب إخراج التمر في صدقة الفطر لمن ليس ذلك قوته وأحمد قد وافق ابن عمر على مثل ذلك وبرخص في مثل ما فعله ابن عمر وكذلك رخص أحمد في التمسح بمقعده من المنبر اتباعاً لابن عمر. وعن أحمد في التمسح بالمنبر روايتان: أشهرهما أنه مكروه كقول الجمهور وأما مالك وغيره من العلماء فيكرهون هذه الأمور وإن فعلها ابن عمر فإن أكابر الصحابة كأبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم لم يفعلها فقد ثبت بالإسناد الصحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان في السفر فرآهم ينتابون مكاناً يصلون فيه فقال ما هذا؟ قالوا مكان صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أتريدون أن تتخذوا آثار أنبيائكم مساجد؟ إنما هلك من كان قبلكم بهذا من أدركته فيه الصلاة فيه وإلا فليمض. وهكذا للناس قولان فيما فعله من المباحات على غير وجه القصد هل متابعته فيه مباحة فقط أو مستحبة على قولين في مذهب أحمد وغيره كما قد بسط ذلك في موضعه، ولم يكن ابن عمر ولا غيره من الصحابة يقصدون الأماكن التي كان ينزل فيها ويبيت فيها مثل بيوت أزواجه ومثل مواضع نزوله في مغازيه، وإنما كان الكلام في مشابهته في صورة الفعل فقطوان كان هو لم يقصد التعبد به فأما الأمكنة نفسها فالصحابة متفقون على أنه لا يعظم منها إلا ما عظمه الشارع.

فصل

وأما قصد الصلاة والدعاء والعبادة في مكان لم يقصد الأنبياء فيه الصلاة والعبادة بل روي أنهم مروا به ونزلوا فيه أو سكنوه فهذا كما تقدم لم يكن ابن


(١) وقد نبه صلى الله عليه وسلم لمثل هذا لئلا يقصد فقال في نسكه في حجة الوداع "وقفت هنا وعرفة كلها موقف. ومنى كلها منحر" وإذا لم يرد أن يتبع في مثل هذه الامور الاتفاقية في النسك فغير النسك أولى، ومخالفة ابن عمر لجمهور الصحابة
في هذا يعذر فيها بحسن نيته ولا يتبع
(٢) أي لم يقصد النبي صلى الله عليه وسلم هذا الفعل

<<  <  ج: ص:  >  >>