للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمر ولا غيره يفعله فإنه ليس فيه متابعتهم لا في عمل عملوه ولا قصد قصدوه ومعلوم أن الأمكنة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحل فيها إما في سفر وإما في مقامه مثل طرقه في حجه وغزواته ومنازله في أسفاره، ومثل بيوته التي كان يسكنها والبيوت التي كان يأتي إليها أحياناً (١) فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك ".

فهذه نصوصه الصريحة توجب تحريم اتخاذ قبورهم مساجد مع أنهم مدفونون فيها، وهم أحياء في قبورهم، ويستحب إتيان قبورهم للسلام عليهم، ومع هذا يحرم إتيانها للصلاة عندها واتخاذها مساجد.

ومعلوم أن هذا إنما نهى عنه لأنه ذريعة إلى الشرك، وأراد أن تكون المساجد خالصة لله تعالى تبنى لأجل عبادته فقط، لا يشركه في ذلك مخلوق، فإذا بني المسجد لأجل ميت كان حراماً، فكذلك إذا كان لأثر آخر، فإن الشرك في الموضعين حاصل، ولهذا كانت النصارى يبنون الكنائس على قبر النبي والرجل الصالح وعلى أثره وباسمه. وهذا الذي خاف عمر رضي الله عنه أن يقع فيه المسلمون هو الذي قصد النبي صلى الله عليه وسلم منع أمته منه، قال الله تعالى (وإن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا) وقال تعالى (قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين) وقال تعالى (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر، أولئك حطبت أعمالهم وفي النار هم خالدون، إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين) .

ولو كان هذا مستحباً لكان يستحب للصحابة والتابعين أن يصلوا في جميع حجر أزواجه وفي كل مكان نزل فيه في غزواته أو أسفاره. ولكان يستحب أن يبنوا هناك مساجد، ولم يفعل السلف شيئاً من ذلك.


(١) سقط من هنا ورقة من الأصل. والظاهر من سياق الكلام أنه تكلم فيه على ما اتخذه الناس من القبور والاماكن محال عبادة. وأن ذلك غير شرعي. واحتج على ذلك بأحاديث منها حديث " أن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد فلا تتخذوا القبور مساجد إلخ ويعلم تفصيل هذا من كتاب التوسل والوسيلة له وهو مطبوع مشهور

<<  <  ج: ص:  >  >>