ينفعهم، ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق، ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون) .
وكذلك قد يكون سببه سماع المعازف وهذا كما يذكر عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال اتقوا الخمر فإنها أم الخبائب. وأن رجلاً سأل امرأة فقالت لا أفعل حتى تسجد لهذا الوثن، فقال لا أشرك بالله، فقالت أو تقتل هذه الصبي؟ فقال لا أقتل النفس التي حرم الله، فقالت أو تشرب هذا القدح؟ فقال هذا أهون، فلما شرب الخمر قتل الصبي وسجد للوثن وزنا بالمرأة ".
والمعازف هي خمر النفوس، تفعل بالنفوس أعظم مما نفعل حميا الكؤوس، فإذا سكروا بالأصوات حل فيهم الشرك ومالوا إلى الفواحش وإلى الظلم فيشركون ويقتلون النفس التي حرم الله ويزنون.
وهذه الثلاثة موجودة كثيراً في أهل سماع المعازف: سماع المكاء والتصدية، أما الشرك فغالب عليهم بأن يحبو شيخهم أو غيره مثل ما يحبون الله، ويتواجدون على حبه.
وأما الفواحش فالغناء رقية الزنا وهو من أعظم الأسباب لوقوع الفواحش ويكون الرجل والصبي والمرأة في غاية العفة والحرية حتى يحضره فتنحل نفسه وتسهل عليه الفاحشة ويميل لها فاعلاً مفعولاً به أو كلاهما كما يحصل بين شاربي الخمر وأكثر.
وأما القتل فإن قتل بعضهم بعضاً في السماع كثير يقولون: قتله بحاله ويعدون ذلك من قوته، وذلك أن معهم شياطين تحضرهم فأيهم كانت شياطينه أقوى قتل الآخر، كالذين يشربون الخمر ومعهم أعوان لهم فإذا شربوا عربدوا فأيهم كانت أعوانه أقوى قتل الآخر، وقد جرى مثل هذا لكثير منهم، ومنهم من يقتل إما شخصاً وإما فرساً أو غير ذلك بحاله ثم يقول صاحب الثار ويستغيث بشيخه فيقتل ذلك الشخص وجماعة معه إما عشرة وإما أقل أو أكثر كما جرى مثل هذا لغير واحد، وكان الجهال يحسبون هذا من باب الكرامات.
فلما تبين لهم أن هذه أحوال شيطانية وأن هؤلاء معهم شياطين تعينهم على الإثم والعدوان عرف ذلك من بصره الله تعالى وانكشف التلبيس والغش الذي كان لهؤلاء.