للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبغضه وولايته وعداوته، إذ لا يمكنه أن يجعل القدر حجة لكل أحد فإن ذلك مستلزم للفساد الذي لا صلاح معه، وللشر الذي لا خير فيه، إذ لو جاز أن يحتج كل أحد بالقدر لما عوقب معتد ولا اقتص من باغ ولا أخذ لمظلوم من ظالم، ولفعل كل أحد ما يشتهيه، من غير معارض يعارض فيه، وهذا فيه من الفساد، ما لا يعلمه إلا رب العباد. فمن المعلوم بالضرورة أن الأفعال تنقسم إلى ما ينفع العباد وما يضرهم والله قد بعث رسوله صلى الله عليه وسلم يأمر المؤمنين بالأمر بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث، فمن لم يتبع شرع الله ودينه اتبع ضده من البدع والأهواء، وكان احتجاجه بالقدر من الجدل بالباطل ليدحض به الحق لا من باب الاعتماد عليه (١) لزمه أن يجعل كل من جرت عليه المقادير، من أهل المعاذير، وإن قال أنا أعذر بالقدر من شهده وعلم أن الله خالق فعله ومحركه لا من غاب عن المشهود، أو كان من أهل الجحود، قيل فيقال لك وشهود هذا وجحود هذا من القدر فالقدر متناول لشهود وجحود هذا. فإن كان موجباً للفرق مع شمول القدر لهما فقد جعلت بعض الناس محموداً وبعضهم مذموماً مع شمول القدر لهما، وهذا رجوع إلى


(١) الظاهر أن يقال: ولزمه - كقوله وكان احتجاجه عطفا على قوله اتبع ضده - الذي هو جواب فمن لم يتبع شرع الله ودينه. ولو قال: واتبع ضده، عطفا على قوله: لم يتبع - لكان قوله: لزمه الخ وهو جواب الشرط ولم يصح عطفه

<<  <  ج: ص:  >  >>