الفرق، واعتصام بالأمر والنهي، وحينئذ فقد نقضت أصلك وتناقضت فيه، وهذا لازم لكل من معك فيه، ثم مع فساد هذا الأصل، وتناقضه فهو قول باطل وبدعة مضلة، فمن جعل الإيمان بالقدر وشهوده عذراً في ترك الواجبات وفعل المحظورات (١) بل الإيمان بالقدر حسنة من الحسنات، وهذه لا تنهض بدفع جميع السيئات، فلو أشرك مشرك بالله وكذب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ناظراً إلى أن ذلك مقدر عليه لم يكن ذلك غافراً لتكذيبه، ولا مانعاً من تعذيبه، فإن الله لا يغفر أن يشرك به سواء كان المشرك مقراً بالقدر وناظراً إليه، أو مكذباً أو غافلاً عنه، بل قد قال إبليس " فيما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين " فأصر واحتج بالقدر، فكان ذلك زيادة في كفره، وسبباً لمزيد عذابه، وأما آدم عليه السلام فإنه قال " ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر وترحمنا لنكونن من الخاسرين " قال تعالى: " فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم " فمن استغفر وتاب كان آدمياً سعيداً. ومن أصر واحتج بالقدر كان إبليسياً شقياً. وقد قال تعالى لإبليس:" لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين ".
وهذا الموضع ضل فيه كثير من الخائضين في الحقائق فإنه يسلكون أنواعاً من الحقائق التي يجدونها ويذوقونها ويحتجون بالقدر فيما خالفوا
(١) سقط من هنا جواب: فمن جعل - والمعنى من جعل الإيمان بالقدر عذرا لمن عصى الله وأشرك به - لزمه كون هذا الإيمان منكرا من المنكرات وضلالة من الضلالات؛ وليس الأمر كذلك - بل الإيمان بالقدر حسنة من الحسنات الخ