للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنكر من هذا شيئاً؟ فيقول: لا يا رب، فيقال له لا ظلم عليك اليوم، ويؤتى ببطاقة فيها شهادة أن لا إله إلا الله فتوضع البطاقة في كفة والسجلات في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة " فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يظلم بل يثاب على ما أتى به من التوحيد، كما قال تعالى (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره) .

وجمهور هؤلاء الذين يسمون أنفسهم عدلية يقولون من فعل كبيرة واحداً أحطبت جميع حسناته وخلد في نار جهنم، فهذا الذي سماه الله ورسوله ظلماً يصفون الله به مع دعواهم تنزيهه عن الظلم، ويسمون تخصيصه من يشاء برحمته وفضله وخلقه ما خلقه لما له فيه من الحكمة البالغة ظلماً. والكلام في هذه الأمور مبسوطفي غير هذا الموضع (وإنما) نبهنا على مجامع أصول الناس في هذا المقام.

وهؤلاء المعتزلة ومن وافقهم من الشيعة يوجبون على الله سبحانه أن يفعل بكل عبد ما هو الأصلح له في دينه، وتنازعوا في وجوب الأصلح في دنياه، ومذهبهم أنه لا يقدر أن يفعل مع مخلوق من المصلحة الدينية غير ما فعل، ولا يقدر أن يهدي ضالاً ولا يضل مهتدياً.

وأما سائر الطوائف الذين يقولون بالتعليل من الفقهاء وأهل الحديث والصوفية وأهل الكلام وغيرهم والمتفلسفة أيضاً فلا يوافقونهم على هذا بل يقولون أنه يفعل ما يفعل سبحانه لحكمة يعلمها سبحانه، وهو يعلم العباد أو بعض العباد من حكمته ما يطلعهم عليه وقد لا يعلمون ذلك. والأمور العامة التي يفعلها تكون لحكمة عامة ورحمة عامة، كإرسال محمد صلى الله عليه وسلم فإنه كما قال تعالى (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) فإن إرساله كان من أعظم النعمة على الخلق وفيه أعظم حكمة للخالق ورحمة منه لعباده كما قال تعالى (لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة) وقال تعالى (وكذلك فتنا

<<  <  ج: ص:  >  >>