للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إثبات القدر، فسألوا عن ذلك أحمد بن حنبل فأنكر عليهما جميعاً حتى قال - أو أمر أن يقال - (يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء) .

وذكر عن عبد الرحمن بن معدي قال أنكر سفيان الثوري " جبر " وقال أن الله جبل العباد. قال المروذي أراد قول النبي صلى الله عليه وسلم " لأشج عبد القيس " يعني قوله " أن فيك لخلتين يحبهما الله: الحلم والأناءة " فقال: أخلقين تخلقت بهما أم خلقين جبلت عليهما؟ فقال " بل خلقين جبلت عليهما " فقال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما.

وذكر عن أبي إسحاق الفزاري قال قال الأوزاعي: أتاني رجلان فسألاني عن القدر فأحببت أن آتيك بهما تسمع كلامهما وتجيبهما: قلت رحمك الله أنت أولى بالجواب، قال: فأتاني الأوزاعي ومعه الرجلان فقال، تكلما، فقالا: قدم علينا ناس من أهل القدر فنازعونا في القدر ونازعناهم فيه حتى بلغ بنا وبهم إلى أن قلنا أن الله جبرنا على ما نهانا عنه، وحال بيننا وبين ما أمرنا به، ورزقنا ما حرم علينا، فقلت: يا هؤلاء إن الذين أتوكم بما أتوكم به قد ابتدعوا بدعة وأحدثوا حدثاً، وإني أراكم قد خرجتم من البدعة إلى مثل ما خرجوا إليه. فقال: أصبت وأحسنت يا أبا إسحاق.

وذكر عن بقية بن الوليد قال؟ سألت الزبيدي والأوزاعي عن الجبر فقال الزبيدي أمر الله أعظم وقدرته أعظم من أن يجبر أو يعضل، ولكن يقضي ويقدر ويخلق ويجبل عبده على ما أحب (١) وقال الأوزاعي: ما أعرف للجبر


(١) كلمة الجبل هنا موهمة للجبر حتى كان الخلاف بينهما لفظي. والحق أن الجبل بمعنى الخلق والفطرة، وقد خلق الله جميع البشر مستعدين للحق والباطل وفعل الخير والشر وخلق لهم إرادة تمكنهم من الترجيح بين ما يتعارض من هذه الاضداد
التي تعرض لهم بما عند كل من المرجحات، وجعل الدين مرشداً للفطرة فيما تخطئ فيه بالجهالة واتباع الهوى. وما يتفاضلون به من الاخلاق الفطرية بسنة الله في الوراثة أو غيرها يكون من اسباب الترجيح ولكنه لا يدخل في معنى الجبر وصلب الاختيار. فتدبر

<<  <  ج: ص:  >  >>