ومن يؤمن بالله يهد قلبه) قال بعض السلف هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم. قال تعالى (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم، ومن يغفر الذنوب إلا الله؟ ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون) .
وقد ذكر الله تعالى عن آدم عليه السلام أنه لما فعل ما فعل قال (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) وعن إبليس أنه قال (فبما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين) فمن تاب أشبه أباه آدم، ومن أصر واحتج بالقدر أشبه إبليس. والحديث الذي في الصحيحين في احتجاج آدم وموسى عليهما السلام لما قال له موسى " أنت آدم أبو البشر خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وعلمك أسماء كل شيء، لماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة؟ فقال له آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه، وخط لك التوراة بيده، فبكم وجدت مكتوباً علي قبل أن أخلق (وعصى آدم ربه فغوى؟) قال بكذا وكذا سنة، قال فحج آدم موسى " وهذا الحديث في الصحيحين من حديث أبي هريرة وقد روي بإسناد جيد عن عمر رضي الله عنه.
فآدم إنما حج موسى لأن موسى لامه على ما فعل لأجل ما حصل لهم من المصيبة بسبب أكله من الشجرة، لم يكن لومه لأجل حق الله في الذنب. فإن آدم قد تاب من الذنب كما قال تعالى (فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه) وقال تعالى (ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى) ومن هو دون موسى عليه السلام يعلم أنه بعد التوبة والمغفرة لا يبقى ملام على الذنب، وآدم أعلم بالله من أن يحتج بالقدر على الذنب، وموسى عليه السلام أعلم بالله تعالى من أن يقبل هذه الحجة، فإن هذه لو كانت حجة على الذنب لكانت حجة لإبليس عدو آدم، وحجة لفرعون عدو موسى، وحجة لكل كافر، وبطل أمر الله ونهيه، بل إنما كان القدر حجة لآدم