على موسى لأنه لام غيره لأجل المصيبة التي حصلت له بفعل ذلك وتلك المصيبة كانت مكتوبة عليه.
وقد قال تعالى (ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه) وقال أنس: خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أف قط، ولا قال لشيء فعلته - لم فعلته؟ ولا لشيء لم أفعله - لم لا فعلته؟ وكان بعض أهله إذا عتبني على شيء يقول " دعوه فلو قضي شيء لكان " وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت " ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده خادماً ولا امرأة ولا دابة ولا شيئاً قط إلا أن يجاهد في سبيل الله، ولا نيل منه قط شيء فانتقم لنفسه إلا أن تنتهك محارم لله، فإذا انتهكت محارم الله لم يقم لغضبه بشيء حتى ينتقم لله " وقد قال صلى الله عليه وسلم " لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها " ففي أمر الله ونهيه يساره إلى الطاعة ويقيم حدود على من تعدى حدود الله ولا تأخذه في الله لومة لائم، وإذا آذاه مؤذ أو قصر مقصر في حقه عفا عنه ولم يؤاخذه نظراً إلى القدر (١) .
فهذا سبيل الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً. وهذا واجب فيما قدر من المصائب بغير فعل آدمي كالمصائب السماوية، أو بفعل لا سبيل فيه إلى العقوبة كفعل آدم عليه السلام فإنه لا سبيل إلى لومه شرعاً لأجل التوبة، ولا قدراً لأجل القضاء والقدر. وأما إذا ظلم رجل رجلاً فله أن يستوفي مظلمته على وجه العدل، وإن عفا عنه كان أفضل له كما قال تعالى (والجروح قصاص فمن تصدق فهو كفارة له) .
وأما الصنف الثالث فهم الذين لا ينظرون إلى القدر لا في المعايب ولا في المصائب التي هي من أفعال العباد، بل يضيفون ذلك إلى العبد، وإذا أساءوا
(١) الظاهر أنه (ص) كان يفعل ذلك إيثار للعفو لأنه أفضل وأقرب للتقوى لا لأجل القدر