(وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان) إلى قوله (أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله، وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك) فهذا من كلام الكفار والمنافقين، إذا أصابهم نصر وغيره من النعم قالوا هذا من عند الله، وإن أصابهم ذل وخوف وغير ذلك من المصائب قالوا هذا من عند محمد بسبب الدين الذي جاء به، فإن الكفار كانوا يضيفون ما أصابهم من المصائب إلى فعل أهل الإيمان.
وقد ذكر نظير ذلك في قصة موسى وفرعون قال تعالى (ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون، فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه) ونظيرة قوله تعالى في سورة يس (قالوا ربنا يعلم أنا إليكم لمرسلون، وما علينا إلا البلاغ المبين، قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم) فأخبر الله تعالى أن الكفار كانوا يتطيرون بالمؤمنين فإذا أصابهم بلاء جعلوه بسبب أهل الإيمان، وما أصابهم من الخير جعلوه من الله عز وجل، فقال تعالى (فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا) والله تعالى نزل أحسن الحديث، فلو فهموا القرآن لعلموا أن الله أمرهم بالمعروف ونهاهم عن المنكر، أمر بالخير ونهى عن الشر، فليس فيما بعث الله به رسله ما يكون سبباً للشر، بل الشر حصل بذنوب العباد، فقال تعالى (ما أصابك من حسنة فمن الله) أي ما أصابك من نصر ورزق وعافية فمن الله نعمة أنعم بها عليك وإن كانت بسبب أعمالك الصالحة فهو الذي هداك وأعانك ويسرك لليسرى. ومن عليك بالإيمان وزينه في قلبك وكره إليه الكفر والفسوق والعصيان.
وفي آخر الحديث الصحيح الإلهي حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى " يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد