الفعل وعلى المخلوق أخرى، والرحمة تقع على هذا وهذا، وكذلك الأمر يقع على أمره الذي هو مصدر أمر يأمر أمراً، ويقع على المفعول تارة كقوله تعالى (وكان أمر الله قدراً مقدورا) وكذلك لفظ العلم يقع على المعلوم والقدرة تقع على المقدور ونظائر هذا متعددة.
وقد استدل أحمد وغيره من أئمة السنة في جملة ما استدلوا على أن كلام الله غير مخلوق بقوله عليه السلام " أعوذ بكلمات الله التامات " ونحو ذلك، وقالوا الاستعاذة لا تحصل بالمخلوق، ونظير هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم " اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك ".
ومن تدبر هذا الباب وجد أهل البدع والضلال لا يستطيلون على فريق المنتسبين إلى السنة والهدى إلا بما دخلوا فيه من نوع بدعة أخرى وضلال آخر لا سميا إذا وافقوهم على ذلك فيحتجون عليهم بما وافقوهم عليه من ذلك ويطلبون لوازمه حتى يخرجوهم من الدين إن استطاعوا خروج الشعرة من العجين كما فعلت القرامطة الباطنية والفلاسفة وأمثالهم بفريق فريق من طوائف المسلمين، والمعتزلة استطالوا على الأشعرية ونحوهم من المثبتين للصفات والقدر بما وافقوهم عليه من نفي الأفعال القائمة بالله تعالى فنقضوا بذلك أصلهم الذي استدلوا به عليهم من أن كلام الله غير مخلوق، وأن الكلام وغيره من الأمور إذا خلق بمحل عاد حكمه على ذلك المحل. واستطالوا عليهم بذلك في مسئلة القدر، واضطروهم إلى أن جعلوا نفس ما يفعله العبد من القبيح فعلاً لله رب العالمين دون العبد، ثم أثبتوا كسباً لا حقيقة له فإنه لا يعقل من حيث تعلق القدرة بالمقدور فرق بين الكسب والفعل، ولهذا صار الناس يسخرون بمن قال هذا ويقولون: ثلاثة أشياء لا حقيقة لها: طفرة النظام، وأحوال أبي هاشم، وكسب الأشعري، اضطروهم إلى أن فسروا تأثير القدرة في المقدور بمجرد الاقتران العادي، والاقتران العادي