للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الإرادة الدينية فهي بمعنى المحبة والرضى، وهي ملازمة للأمر كقوله تعالى (يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم) ومنه قول المسلمين: هذا يفعل شيئاً لا يريده الله، إذا كان يفعل بضع الفواحش، أي أنه لا يحبه ولا يرضاه، بل ينهى عنه ويكرهه.

وكذلك لفظ الجبر فيه إجمال يراد به إكراه الفاعل على الفعل بدون رضاه. كما يقال: إن الأب يجبر المرأة على النكاح، والله تعالى أجل وأعظم من أن يكون مجبراً بهذا التفسير فإنه يخلق للعبد الرضاء والاختيار بما يفعله، وليس ذلك جبراً بهذا الاعتقاد، ويراد بالجبر خلق ما في النفوس من الاعتقادات والإرادات كقول محمد بن كعب القرظي: الجبار الذي جبر العباد على ما أراد كما في الدعاء المأثور عن علي رضي الله عنه " جبار القلوب على فطراتها: شقيها وسعيدها " والجبر ثابت بهذا لتفسير.

فلما كان لفظ الجبر مجملاً نهى الأئمة عن إطلاق إثباته أو نفيه.

وكذلك لفظ الرزق فيه إجمال، فقد يراد بلفظ الرزق ما أباحه أو ملكه فلا يدخل الحرام في مسمى هذا الرزق كما في قوله تعالى (ومما رزقناهم ينفقون) وقوله تعالى (أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت) وقوله (ومن رزقناه منا رزقاً حسناً فهو ينفق منه سراً وجهراً) وأمثال ذلك. وقد يراد بالرزق ما ينتفع به الحيوان وإن لم يكن هناك إباحة ولا تمليك، فيدخل فيه الحرام كما في قوله تعالى (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) وقوله عليه السلام في الصحيح " فيكتب رزقه وعمله وأجله وشقي أو سعيد " ولما كان لفظ الجبر والرزق ونحوهما فيه إجمال منع الأئمة من إطلاق ذلك نفياً وإثباتاً كما تقدم عن الأوزاعي وأبي إسحاق الفزاري وغيرهما.

وكذا لفظ التأثير فيه إجمال فإن القدرة مع المقدور كالسبب مع المسبب، والعلة مع المعلول،

<<  <  ج: ص:  >  >>