فإن هذا الواحد لا حقيقة له في الخارج وكذلك الواحد (١) كما قد بسط في موضعه.
والمقصود هنا أن التأثير إذا فسر بوجود شرط الحادث أو بسبب يتوقف حدوث الحادث به على سبب آخر وانتفاء موانع - وكل ذلك بخلق الله تعالى - فهذا حق، وتأثير قدرة العبد في مقدورها ثابت بهذا الاعتبار. وإن فسر التأثير بأن المؤثر مستقل بالأثر من غير مشارك معاون ولا معاوق مانع فليس شيء من المخلوقات مؤثراً، بل الله وحده خالق كل شيء فلا شريك له ولا ند له، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها، وما يمسك فلا مرسل له من بعده (قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وما له فيهما من شرك وما له منهم من ظهير، ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له)(قل أرأيتم ما تدعون من دون الله، إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره؟ أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته؟ قل حسب الله عليه يتوكل المتوكلون) ونظائر هذا في القرآن كثيرة.
فإذا عرف ما في لفظ التأثير من الإجمال والاشتراك ارتفعت الشبهة وعرف العدل المتوسط بين الطائفتين. فمن قال: إن المؤمن والكافر سواء فيما أنعم الله عليهما من الأسباب المقتضية لللإيمان، وإن المؤمن لم يخصه الله بقدرة ولا إرادة آمن بها، وإن العبد إذ فعل لم تحدث له معونة من الله وإرادة لم تكن قبل الفعل - فقوله معلوم الفساد، وقيل لهؤلاء: فعل العبد من جملة الحوادث والممكنات، فكل ما به يعلم أن الله تعالى أحدث غيره يعلم به أن الله أحدثه، فكون العبد فاعلاً بعد أن لم يكن أمر ممكن حادث فإن أمكن صدور هذا الممكن الحادث بدون محدث واجب يحدثه ويرجح وجوده على عدمه أمكن ذلك في غيره، فانتقض دليل
(١) في الأصل (وكذلك الواحد) وفيه تكرار وتشبيه للشيء بنفسه وما صححناه به هو مقتضي ما قبله