للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن قال أن قدرة العبد وغيرها من الأسباب التي خلق الله تعالى بها المخلوقات ليست أسباباً، أو أن وجودها كعدمها، وليس هناك إلا مجرد اقتران عادي كاقتران الدليل بالمدلول، فقد جحد ما في خلق الله وشرعه من الأسباب والحكم، ولم يجعل في العين قوة تمتاز بها عن الخد تبصر بها، ولا في القلب قوة يمتاز بها عن الرجل يعقل بها، ولا في النار قوة تمتاز بها عن التراب تحرق بها، وهؤلاء ينكرون ما في الأجسام المطبوعة من الطبائع والغرائز.

قال بعض الفضلاء: تكلم قوم من الناس في إبطال الأسباب والقوى والطبائع فأضحكوا العقلاء على عقولهم.

ثم أن هؤلاء يقولون لا ينبغي للإنسان أن يقول أنه شبع بالخبز وروي بالماء، بل يقول شبعت عنده ورويت عنده فإن الله يخلق الشبع والري ونحو ذلك من الحوادث عند هذه المقترنات بها عادة لا بها. وهذا خلاف الكتاب والسنة فإن الله تعالى يقول (وهو الذي يرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحاباً ثقالاً سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات) الآية، وقال تعالى (وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها) وقال تعالى (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم) وقال (ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا) وقال (ونزلنا من السماء ماء فأنبتنا به جنات وحب الحصيد) وقال (وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء) وقال (هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسميون، ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات) وقال تعالى (إن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً - إلى قوله - يضل به كثيراً ويهدي به كثيرا) وقال (قد جاءكم من نور الله نور وكتاب مبين، يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام) ومثل هذا في القرآن

<<  <  ج: ص:  >  >>