للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبادة غيره، ويطيعونه ويطيعون رسله، ويحبونه ويرجونه ويخشونه، ويتكلون عليه وينيبون إليه، ويوالون أوليائه ويعادون أعداءه، ويقرون بمحبته لما أمر به ولعباده المؤمنين أيضاً ورضاه بذلك، وبغضه لما نهى عنه، وللكافرين وسخطه لذلك ومقته له، ويقرون بما استفاض عن النبي صلى الله عليه وسلم من " أن الله أشد فرحاً بتوبة عبده التائب من رجل أضل راحلته بأرض دوية مهلكة عليها طعامه وشرابه فطلبها فلم يجدها، فقال تحت شجرة، فلما استيقظ إذا بدابته عليها طعامه وشرابه، فالله أشد فرحاً بتوبة عبده من هذا براحلته " فهو إلههم الذي يعبدونه وربهم الذي يسألونه كما قال تعالى (الحمد لله رب العالمين - إلى قوله - إياك نعبد وإياك نستعين) فهو المعبود المستعان. والعبادة تجمع كمال الحب مع كمال الذل فهم يحبونه أعظم مما يحب كل محب لمحبوبه كما قال تعالى (ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله) وكل ما يحبونه سواه فإنما يحبونه لأجله كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله: ومن كان يكره أن يرجع في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار " وفي الترمذي وغيره " أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله، ومن أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان " وهو سبحانه يحب عباده المؤمنين، وكمال الحب هو الخلة التي جعلها الله لإبراهيم ومحمد صلى الله عليهما وسلم. فإن الله اتخذ إبراهيم خليلاً. واستفاض عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح من غير وجه أنه قال " إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلا " وقال " لو كنت متخذاً خليلاً من أهل الأرض لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن صاحبكم خليل الله " يعني نفسه ولهذا اتفق سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل السنة وأهل المعرفة أن الله نفسه يحب ويحب.

<<  <  ج: ص:  >  >>