بذاته. والمعتزلة تنفي قيام الصفات والأفعال به وتسمى الصفات أعراضاً والأفعال حوادث، ويقولون لا تقوم به الأعراض ولا الحوادث، فيتوهم من لم يعرف حقيقة قولهم أنهم ينزهون الله تعالى عن النقائص والعيوب والآفات. ولا ريب أن الله يحب تنزيهه عن كل عيب ونقص وآفة، فإنه القدوس السلام الصمد السيد الكامل في كل نعت من نعوت الكمال كمالاً يدرك الخلق حقيقته، منزه عن كل نقص تنزيهاً لا يدرك الخلق كماله. وكل كمال ثبت لموجود من غير استلزام نقص فالخالق تعالى أحق به وأكمل فيه منه، وكل نقص تنزه عنه مخلوق فالخالق أحق بتنزيهه عنه وأولى ببراءته منه.
روينا من طريق غير واحد كعثمان بن سعيد الدارمي وأبي جعفر الطبري والبيهقي وغيرهم في تفسير علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى (الصمد) قال: السيد الذي قد كمل في سؤدده، والشريف الذي قد كمل في شرفه، والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحكيم الذي قد كمل في حكمته، والغني الذي قد كمل في غناه، والجبار الذي قد كمل في جبروته، والعالم الذي قد كمل في علمه، والحليم الذي قد كمل في حلمه، وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد، وهو الله عز وجل، هذه صفته لا تنبغي إلا له ليس له كفؤ ولا كمثله شيء، سبحانه الواحد القهار.
وهذا التفسير ثابت عن عبد الله بن أبي صالح عن علي بن أبي طلحة الوالبي، لكن يقال أنه لم يسمع التفسير من ابن عباس، ولكن مثل هذا الكلام ثابت عن السلف، وروي عن سعيد بن جبير أنه قال: الصمد الكامل في صفاته وأفعاله. وثبت عن أبي وائل شقيق بن سلمة أنه قال: الصمد السيد الذي انتهى سؤدده. وهذه الأقوال وما أشبهها لا تنافي ما قاله كثير من السلف كسعيد بن المسيب وابن جبير ومجاهد والحسن والسدي والضحاك وغيرهم من أن الصمد هو الذي لا جوف له، وهذا منقول عن ابن مسعود وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه