للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث والفقهاء والصوفية وأهل الكلام: هذه حجة جدلية إلزامية ولم تشفوا الغليل بهذا الجواب، وليس معكم من الأدلة الشرعية ولا العقلية ما ينفى مثل هذا التسلسل، بل التسلسل نوعان والدور نوعان، أحدهما التسلسل في العلل والمعلولات فهذا ممتنع وفاقاً. والثاني التسلسل في الشروط والآثار فهذا في جوازه قولان معروفان للمسلمين وغيرهم. وطوائف من أهل الكلام والحديث والفلسفة يجوزون هذا ومن هؤلاء السلف والأئمة الذين يقولون لم يزل الله متكلماً إذا شاء، وأنه لم يزل يقوم به ما يتعلق بمشيئته وقدرته من الأفعال وغيرها.

وبين هؤلاء أن ما استدل به منازعوهم على نفي التسلسل في الآثار وامتناع وجود ما لا يتناهى في الماضي أدلة ضعيفة، كدليل المطابقة بين الجملتين مع زيادة أحدهما، وكزيادة الشفع والوتر ونحو ذلك من الأدلة التي بين هؤلاء فسادها ونقضوها عليهم بالحوادث في المستقبل، وبعقود الأعداد وبمعلومات الله مع مقدوراته وغير ذلك مما قد بسط في موضعه.

والدور نوعان: فالدور القبلي السبقي ممتنع، وأما الدور المعي الاقتراني وهو أن لا يكون هذا إلا مع هذا فهذا الدور في الشروط وما أشبهها من المتضايقات والمتلازمات، ومثل هذا جائز.

فهذه مجامع أجوبة الناس عن هذا السؤال. وهي عدة أقوال (الأول) قول من لا يعلل لا أفعاله ولا أحكامه (والثاني) قول من يعلل ذلك بأمور مباينة له منفصلة عنه من جملة مفعولاتها (والثالث) قول من يعلل ذلك بأمور قائمة به متعلقة بقدرته ومشيئته لكن يقول جنسها حادث (والخامس) (١) قول من يعلل ذلك بأمور متعلقة بمشيئته وقدرته. فإن كان الفعل المفضي للحكمة حادث النوع كانت الحكمة كذلك، وإن قدر أنه قام به كلام أو فعل متعلق بمشيئته وأنه لم يزل كذلك كانت الحكمة كذلك، فيكون النوع قديماً وإن كانت آحاده حادثة.


(١) كذا في الأصل ولم يذكر الرابع فأما سقط وإما غلط الناسخ فجعل الرابع خامساً

<<  <  ج: ص:  >  >>