للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه كان يقول في دعائه " أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء " وهذا موافق ومفسر لقوله تعالى (هو الأول والآخر والظاهر والباطن) .

وإذا ثبت في هذا الحديث لفظ القبل فقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قاله واللفظان الآخران لم يثبت (١) واحد منهما أبداً، وكان أكثر أهل الحديث إنما يروونه بلفظ القبل " كان الله ولا شيء قبله " مثل الحميدي والبغوى وابن الأثير وغيرهم. وإذا كان إنما قال " كان الله ولم يكن شيء قبله " لم يكن في هذا اللفظ تعرض لابتداء الحوادث ولا لأول مخلوق.

الوجه الرابع أنه قال فيه " كان الله ولم يكن شيء قبله، أو معه، أو غيره، وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء " فأخبر عن هذه الثلاثة بلفظ الواو، لم يذكر في شيء منها ثم، وإنما جاء ثم في قوله " خلق السموات والأرض " وبعض الرواة ذكر فيه خلق السموات والأرض بثم وبعضهم ذكرها بالواو. فأما الجمل الثلاث المتقدمة فالرواة متفقون على أنه ذكرها بلفظ الواو، ومعلوم أن لفظ الواو لا يفيد الترتيب على الصحيح الذي عليه الجمهور، فلا يفيد الأخبار بتقديم بعض ذلك على بعض، وإن قدر أن الترتيب مقصود، إما من ترتيب الذكر لكونه قدم بعض ذلك على بعض، وإما من الواو (٢) عند من يقول به، فإنما فيه تقديم كونه على كون العرش على الماء، وتقديم كون العرش على الماء على كتابته في الذكر كل شيء، وتقديم كتابه في الذكر كل شيء على تقديم خلق السموات والأرض، وليس في هذا ذكر أول المخلوقات مطلقاً، بل ولا فيه الإخبار بخلق العرش والماء وإن كان ذلك كله مخلوقاً كما أخبر به في مواضع أخر، لكن في جواب أهل اليمن إنما


(١) لعل أصله " لا يثبت " لتأكيده بكلمة أبداً التي بمعنى المستقبل
(٢) لعل أصله من جعل الواو لترتيب إلخ

<<  <  ج: ص:  >  >>