لا يجعل بأسهم بينهم فلم يعط ذلك " وأخبر أن الله لا يسلط عليهم عدواً من غيرهم يغلبهم كلهم حتى يكون بعضهم يقتل بعضاً وبعضهم يسبي بعضاً.
وثبت في الصحيحين لما نزل قوله (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم) قال " أعوذ بوجهك " (أو من تحت أرجلكم) قال " أعوذ بوجهك " (أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض) قال " هاتان أهون ".
هذا ما أن الله أمر بالجماعة والائتلاف، ونهى عن البدعة والاختلاف، وقال (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء) وقال النبي صلى الله عليه وسلم " عليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة " وقال " الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد " وقال " الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم والذئب إنما يأخذ القاصية والنائية من الغنم ".
فالواجب على المسلم إذا صار في مدينة من مدائن المسلمين أن يصلي معهم الجمعة والجماعة ويوالي المؤمنين ولا يعاديهم، وإن رأى بعضهم ضالاً أو غاوياً وأمكن أن يهديه ويرشده فعل ذلك، وإلا فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها. وإذا كان قادراً على أن يولي في إمامة المسلمين الأفضل ولاه، وإن قدر أن يمنع من يظهر البدع والفجور منعه. وإن لم يقدر على ذلك فالصلاة خلف الأعلم بكتاب الله وسنة نبيه الأسبق إلى طاعة الله ورسوله أفضل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح " يؤم القوم أقرأم لكتاب الله. فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة. فإن كانوا سواء فأقدمهم هجرة. فإن كان في الهجرة سواء فأقدمهم سناً " وإن كان في هجره لمظهر البدعة والفجور مصلحة راجحة هجره، كما هجر النبي صلى الله عليه وسلم الثلاثة الذين خلفوا حتى تاب الله عليهم. وأما إذا ولي غيره بغير إذنه وليس في ترك الصلاة خلفه مصلحة شرعية كان تفويت هذه الجمعة والجماعة جهلاً وضلالاً وكان قد رد بدعة ببدعة.