للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التقابض في العقود التي يعتقدون صحتها أو تحاكما إلينا لم نتعرض لذلك لانقضاء العقود بموجباتها، ولهذا نهى عن بيع الكالئ بالكالئ، لأنه عقد وإيجاب على النفوس بلا حصول مقصود لأحد الطرفين ولا لهما. ولهذا حرم الله الميسر الذي منع بيع الغرر، ومن الغرر ما يمكنه قبضه وعدم قبضه كالدواب الشاردة، لأن مقصود العقد وهو القبض غير مقدور عليه.

ولهذا تنازع العلماء في بيع الدين على الغير، وفيه عن أحمد روايتان، وإن كان المشهور عند أصحابه منعه، وبهذا وقع التعليل في بيع الثمار قبل بدو صلاحها، كما في الصحيحين عن أنس بن مالك " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهي عن بيع الثمار حتى تزهى " قيل: وما تزهى؟ قال حتى " تحمر " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أرأيت إذا منع الله الثمرة، بم يأخذ أحدكم مال أخيه؟ " وفي لفظ أنه " نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها وعن النخل حتى يزهو؟ قيل: وما يزهو قال يحمار ويصفار " وفي لفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم " نهى عن بيع الثمر حتى تزهو " فقلت لأنس: ما زهوها؟ قال: تحمر وتصفر، أرأيت أن منع الله الثمر، بم تستحل مال أخيك؟ وهذه ألفاظ البخاري. وعند مسلم " نهى عن بيع ثمر النخل حتى يزهو " وعند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن لم يثمرها الله فبم يستحل أحدكم مال أخيه؟ " قال أبو مسعود الدمشقي: جعل مالك والدراوردي قول أنس: أرأيت إن منع الله الثمرة - من حديث النبي صلى الله عليه وسلم. أدرجاه يه، ويرون أنه غلط. وفيما قاله أبو مسعود نظر.

وهذا الأصل متفق عليه بين المسلمين ليس فيه نزاع، وهو من الأحكام التي يجب اتفاق الأمم والملل فيها في الجملة، فإن مبنى ذلك على العدل والقسط الذي تقوم به السماء والأرض، وبه أنزل الله الكتب وأرسل الرسل، كما قال تعالى (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط) .

<<  <  ج: ص:  >  >>