"وكون الأمة قد حصل فيها افتراق على فرق شتى, تبلغ العدد المذكور أو لا تبلغه: ثابت، وقد وقع لا محالة.
"وكون الناجي منهم واحدة أيضا حق لا كلام فيه، فإن الحق واحد، وهو ما كان النبي عليه وأصحاب، فإن ما خالف النبي عليه فهو رد.
"أما تعيين أي فرقة هي الفرقة الناجية، أي: التي تكون على ما هو عليه وأصحابه: فلم يتبين بعد إلى الآن".
"فإن كل طائفة -ممن يذعن لنبينا بالرسالة- تذهب فتجعل نفسها على ما النبي عليه وأصحابه! حتى إن "مير باقر الدماد" برهن على أن جميع الفرق المذكورة في الحديث هي فرقة الشيعة، وأن الناجي منهم فرقة الإمامية، وأما أهل السنة والمعتزلة وغيرهم وسائر الفرق فجعلهم من أمة الدعوة.
فكل يدعي الأمر، ويقيم على ذلك أدلة. وذكر الفلاسفة وأدلتهم.. والصوفية وأدلتهم ... والمعتزلة وأدلتهم ... وأهل السنة وأدلتهم ... قال: "فكل يبرهن على أنه الفرقة الناجية المذكورة في الحديث، وكل مطمئن بما لديه، وينادي نداء المحق لما عليه! والوقوف على حقيقة الحق في ذلك يكون من فضل الله وتوفيقه.
فإن للناظر أن يقول:
- أن تكون الفرقة الناجية، والواقفة على ما كان عليه النبي وأصحابه قد جاءت وانقرضت، وأن الباقي الآن من غير الناجية.
- أو أن الفرق المرادة لصاحب الشرع -في هذا الحديث- لم تبلغ العدد الآن، وأن الناجية ما وجدت، وستوجد.
- أو أن جميع هذه الفرق ناجية: حيث إن الكل مطابق لما كان عليه النبي وأصحابه من الأصول المعلومة لنا عنهم كالألوهية، والنبوة، والمعاد، وما وقع فيه الخلاف، فإنه لم يكن يعلمه علم اليقين، وإلا لما وقع فيه خلاف.
- أو أن بقية الفرق ستوجد من بعد، أو وجد منها بعض ولم يعلم، أو علم, كمن يدعي ألوهية علي مثلا: "وبناء على هذا الافتراض تكون