للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إحياء كتب الأوائل:

وفي الوقت الذي عاب فيه محمد عبده على كتب المتأخرين، ونعى على المتمسكين بها إلى حد أن كان تمسكهم بها سببا في ضياع مصالح الناس ... دعا إلى إحياء التراث القديم، وساهم هو مع ذلك في إحيائه، وهو بهذا وذاك، منطقي مع تفكيره العام في الجانب التوجيهي؛ لأنه إن عاب كتب المتأخرين، لم ينتقص من قيمة التراث الإسلامي والعربي، كأساس يجب أن يقوم عليه كل إصلاح، وتبنى عليه نهضة الشرق الإسلامي، في مسايرته للحياة الواقعية.

فاعتماده على هذا التراث من جانب، وتقليله من قيمة كتب المرحلة المتأخرة من جانب آخر.. كان لا بد أن يوحي بفكرة إحياء التراث القديم!!

ساهم محمد عبده بنفسه في إحياء هذا التراث، ودفع إليه السلطة القائمة إذ ذاك، ورغب تلاميذه في هذا العمل ... فشرح كتاب "البصائر النصيرية" في علم المنطق، وأخرج "نهج البلاغة" في الأدب، وغير ذلك، وهكذا أعطى محمد عبده نموذجا للانتفاع بالتراث القديم!

كما وضع مبادئ عامة للتأليف الحديث، ورسم منهجا خاصا لتفسير القرآن الكريم.. والتزم هذه المبادئ في تأليفه، "رسالة التوحيد" وفي تفسيره الخاص لكتاب الله المنزل.

ويقوم منهجه في تفسير القرآن الكريم على هذه الأسس التالية.

- إخضاع حوادث الحياة القائمة في وقته لنصوص القرآن الكريم, إما بالتوسع في معنى النص، أو بحمل الشبيه على الشبيه.

- اعتبار القرآن جميعه وحدة واحدة متماسكة, لا يصح الإيمان ببعضه، وترك بعض آخر منه، كما أن فهم بعضه متوقف على فهم جميعه.

- اعتبار السورة كلها أساسا في فهم آياتها، واعتبار الموضوع فيها أساس في فهم جميع النصوص التي وردت فيها.

- إبعاد الصنعة اللغوية عن مجال تفسير القرآن، وإبعاد تفسيره عن أن يجعل مجالا لتدريب الملكة اللغوية.

<<  <   >  >>