"إذا رجعنا إلى كتب القرون المتوسطة -فترة ما قبل الركود، كالزيلعي مثلا- نكون قد خطونا خطوة لإصلاح الكتب والفقه، وما دمنا مقيدين بعبارات هذه الكتب -المتأخرة- المتداولة، ولا نعرف الدين والعلم إلا منها، فلا نزداد إلا جهلا!! هذا الشوكاني لما كسر قيود التقليد الأعمى، حيث كان وهابيا معتدلا، صار عالما وفقيها! إن حالة الفقهاء هذه -في كتب المتأخرين- هي التي ضيعت الدين؟ ".
كما نعى محمد عبده على التطويل في بحوث العبادة، وعلى ترك التطور والتفصيل في باب المعاملات، حيث يقول:
"إن الناس تحدث لهم باختلاف الزمان، أمور ووقائع لم ينص عليها في هذه الكتب، فهل نوقف سير العالم من أجل كتبهم؟ هذا لا يستطاع؟!
"ولذلك اضطر العوام والحكام إلى ترك الأحكام الشرعية، ولجئوا إلى غيرها.. والفقهاء هم المسئولون عند الله عن هذا، وعن كل ما عليه الناس من مخالفة الشريعة؛ لأنه كان يجب عليهم أن يعرفوا حالة العصر والزمان، ويطبقوا عليه الأحكام بصورة يمكن للناس اتباعها، كأحكام الضرورات، لا أنهم يقتصرون على المحافظة على نقوش هذه الكتب ورسومها، ويجعلونها كل شيء، ويتركون لأجلها كل شيء!!
"يقرءون "الأصول" ولا يخطر ببال واحد منهم أن يرجع فرعا من هذه الكتب إلى أصله، أو يبحث عن دليله!! بل لم يخجلوا أن يقولوا: نحن مقلدون لا يلزمنا النظر في الكتاب والسنة!! دانوا لكتب المتقدمين "عليهم مباشرة" على تعارضها وتناقضها، الذي تشتت به شمل الأمة، ويكتفون بقولهم: ولكهم من رسول الله ملتمس!!!
"ينبغي أن يكون للفقهاء جمعيات يتذاكرون فيها، ويتفقون على الراجح الذي ينبغي أن يكون عليه العمل.. وإذا كان بعض المسائل رجح لأسباب خاصة بمكان أو زمان، ينبغي لهم التنبيه على ذلك، وعلى أن هذا الحكم ليس عاما، وإنما سببه كذا؛ لا أنهم يجعلون كل ما قيل عن فقيه، واجب الاتباع في كل زمان ومكان"١.