للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"كان محمد عبده متفائلا أكثر من الواقع حيث قال باتحاد العلم مع الدين في كل وضع، في حين أن العلم لا يخضع للدين في بعض الأحيان، كما في أوروبا! ولعله أتى بهذا الرأي لحمل العلماء من المسلمين على دراسة المدنية الحديثة، ورأى أن هذا هو الطريق لذلك"١؟؟

ودائرة المعارف الإسلامية -التي أخرجها بعض المستشرقين -تذكر ما يلي في تعليقها على آراء الشيخ محمد عبده فيما يتصل بتقييم الإسلام:

"والإسلام البدائي -نقصد الإسلام على عهد الرسول وصحابته- في نظر الشيخ عبده، ليس هو الإسلام التاريخي "الذي صار إليه الأمر في حياة المسلمين! " ... وإنما هو إسلام اصطنع مثاليته، وجعله متوقفا على المسيحية في أنه دين معقول، ومتصل بالحياة اتصالا كثيفا، متصل بتلك الحياة الواقعية؟

"وعمله "الشيخ محمد عبده"، بالنسبة للإسلام، له طابع الدفاع عن العقيدة ... ومساهمته في فكرة الإسلام الديني هي محاولة لخلق موضع للإسلام في العالم الحديث"٢.

وبمثل هذا التعليق يحاول المستشرقون أن يصوروا -من طريق غير مباشر- أن الإسلام في ملاءمته للعلم، وفي سمو مبادئه, وفي صلاحيته للحياة، ليس على النحو الذي يصوره به الشيخ محمد عبده، وأن الإسلام على عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- وعلى عهد صحابته رضوان الله عليهم، لا يفترق عن الإسلام كما فهمه المسلمون بعد ذلك، وعلى نحو ما تمسكوا به في عهودهم ضعفهم!!

وإذن فالشيخ محمد عبده مجرد متفائل ... يحاول الدفاع عن الإسلام، فيطبعه بطابع مثالي ... كما يحاول أن يجعل له مكانا في الحياة الحديثة، مع أنه ليس له مكان فيها!!


١ ترجمة رسالة التوحيد: ص٥٠.
٢ دائرة المعارف الإسلامية -الطبعة المختصرة باللغة الإنجليزية، ص٤٠٥-٤٠٧.

<<  <   >  >>