وهكذا يصاب من المسشرقين كل من يكتب عن الإسلام، بعقيدة المؤمن به، أما في شخصه وطبعه كجمال الدين الأفغاني، أو في تفكيره ورأيه كالشيخ محمد عبده!!
محمد عبده ... والسير أحمد خان:
يذكر المرحوم أحمد أمين في تعليقه وترجمته للسير "سيد أحمد خان" في الهند، أنه يشبه الشيخ "محمد عبده" في مصر، من حيث إن كلا منهما كان مصلحا دينيا، وقصد الإصلاح عن طريق التربية، مؤثرا هذا الطريق على طريق الثورة والاحتكاك بالمستعمرين وهو الطريق الذي سلكه جمال الدين الأفغاني ... يقول١:
"ثم كلاهما كان يرى أن السطان في مصر وفي الهند، في يد الإنجليز، ولهم من القوة المادية والأسلحة والذخائر في البر والبحر، ومن القوة العلمية والسياسية، ما لا تستطيع الهند ومصر مقاومته!! قد يستطيعون المقاومة إذا اتحدوا، ولكن كيف يكون اتحادهم مع جهلهم وضعف خلقهم! بل كيف يكون ذلك مع فساد أمرائهم، وبحثهم عن منافعهم الشخصية، ولو حلى حساب الأمة قالا: إذن، فالأولى مسالمة الإنجليز، والتفاهم معهم، وأخذ ما نستطيع لخير الشعب منهم".
والأستاذ أحمد أمين يشير بهذه "المسالمة" للإنجليز -فيما يخص الشيخ محمد عبده- إلى مهادنته للورد كرومر. ولكن مهادنة الشيخ محمد عبده لكرومر إنما كانت لحماية نفسه من اضطهاد الخديوي عباس الثاني إياه، كي يتمكن من إعلان رأيه في إصلاح الأزهر والدفاع عنه، وحتى يستمر في نشاطه الفقهي، وفي أحاديثه التوجيهية والعلمية في مجالسه ودروسه ... كانت أيضا لحماية أوقاف المسلمين الخيرية، التي أخذ هذا الخديوي الشاب في تصفيتها -جشعا منه- بسبب أو بآخر، ويضيفها إلى أملاكه الخاصة.
لقد كانت توجد في مصر سلطتان: سلطة الاحتلال وسلطة أخرى محلية وهي سلطة الخديوي، بينما كانت توجد في الهند سلطة واحدة هي: سلطة الاحتلال الإنجليزي, فهناك نوع من المفارقة بين الهند ومصر، وبالتالي