ولا أريد هنا أن أنقل عن أي مستشرق عبر عن "بشرية القرآن" بل سأتخير واحدا يعد مثلا للاتزان بينهم، وهو المستشرق الإنجليزي "جب" Gibb أستاذ الدراسات العربية بجامعة هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية.
وسنرى من النصوص التي ننقلها عنه هنا من كتابه:"المذهب المحمدي" Mohammedanism أنه آثر الصورة الأولى، بأسلوب بيدو فيه تجنب للألفاظ النابية فيما يحكيه عن الرسول، وتجنب الصراحة المكشوفة فيما يريد أن يودعه في نفس القارئ.
إن "جب" يرى:
- أن جو "مكة" بما فيه من زعامة اقتصادية وسياسية ودينية، ثم بما فيه من عيوب اجتماعية -كالرق والفوارق البعيدة المدى بين الطبقات، هو الذي أثر في نفس محمد -صلى الله عليه وسلم- ليكون صاحب ثورة! فـ"الحياة المكية" -بما فيها من عوامل إيجابية وأخرى سلبية- قد تفاعلت في نفسه، وهو يرتبط في رسالته بهذه الحياة أيما ارتباط، بحيث لو كان رجلا غير "مكي" لما صادف هذا النجاح.
إنه يقول في ذلك١:
"إن "محمد" ككل شخصية مبدعة، قد تأثر بضرورات الظروف الخارجية "عنه" المحيطة به من جهة، ثم هو من جهة أخرى قد شق طريقا جديدا بين الأفكار والعقائد السائدة في زمانه، والدائرة في المكان الذي نشأ فيه.
"وقليل ما هو معروف -على سبيل التأكيد- عن حياته وظروفه المبكرة ... ولكن الشيء الذي يصح أن يبحث ماضيه الاجتماعي.
"لقد كان أحد سكان "مدينة" غير رئيسية.. وليس هناك ما يصح أن يصوره بأكثر من أنه "بدوي"، شارك في الفكرة والنظرة في الحياة التي كانت للبدو الرحل من الناس: