للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ازدهارهم الاقتصادي، وبالأخص تلك الآثار التي يجوز أن تلحق ضررا بالقيمة الاقتصادية لمقدساتهم.

"بالإضافة إلى ذلك، فإن المكيين قد تصوروا -أسرع مما تصور محمد نفسه- أن قبولهم لتعاليمه رمبا يمهد لنوع معقد من السلطة السياسية داخل جماعتهم، التي كانت تحكمها فئة قليلة حتى ذلك الوقت"١.

ويقول أيضا:

"ومعروف من القرآن نفسه، أن فكرة "الوحدانية" كان معروفة في غربي الجزيرة العربية.. لقد كان وجود "الإله الأكبر" وهو الله، مبدأ مقبولا كأصل عام لدى محمد ولدى خصومه على السواء، والقرآن لم يناقش هذه النقطة أبدا، وحجته التي كان يقيمها فقط أن لا إله إلا الله"٢.

إن مؤلف كتاب "المذهب المحمدي" يريد أن يقول إذن: إن محمدًا أراد أن ينافس في الزعامة القائمة بمكة، وأن يكون صاحب سلطة فيها. وبما أن "المقدسات الدينية" كانت لها صلة وثيقة بالازدهار الاقتصادي المكي، وبسيادة المكيين الروحية على بقية العرب الرحل!! لم يشأ محمد أن يظهر في منافسته للمكيين في صورة أخرى غير الصورة الدينية ... لقد تحكمت فيه الرغبة إلى "الحكومة الدينية" منذ البداية في الصراع، ولقد كافح لأن يكون صاحب حكومة دينية حتى أعلن في النهاية -وهو بالمدينة- نظام هذه الحكومة فيما سماه "الإسلام" و"الجماعة الإسلامية".

ولأنه أراد أن ينافس "المكيين" في الزعامة السياسية، لم تكن مقاومتهم إياه ومعارضتهم لدعوته بسبب أنهم محافظون متمسكون بالقديم والتقاليد، إذ القرآن ليس جديدا عليهم كله، فأهم مبدأ فيه وهو التوحيد كان معروفا لدى العرب، وإنما خشية على ضياع مجدهم السياسي والروحي وفقدان رواجهم الاقتصادي!!

و"المكيون" لم يعارضوا شيئا في القرآن سوى ما انتزعه "محمد" من اليهود أو النصارى كفكرة الجزاء الأخروي وأوصاف الجنة والنار.


١ المصدر السابق: ص٢٩.
٢ المصدر السابق: ص٣٨.

<<  <   >  >>