للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاجتماعية، وإنما برزت في صورة "دينية" وفي صورة أنه "رسول"؛ وذلك لأنه أراد أن يستغل قيم "المقدسات الدينية" بمكة في الزعامة والرواج الاقتصادي. ومعارضة المكيين إياه -لذلك- كانت معارضة في الزعامة السياسية، وخشية على ازدهارهم الاقتصادي من أن يضعف لو قبلوا دعوته، ولم تكن -معارضتهم إياه- بسبب العقيدة والإيمان!! وإلا فالقرآن نفسه، يدل على أن فكرة الوحدانية -وهي الفكرة الأساسية في الإسلام- كانت معروفة في غربي الجزيرة العربية!

يقول "جب" في ذلك:

"ولكن نواة هذه الثورة النفسية لم تظهر في صورة "إصلاح اجتماعي"، بل بدلا من ذلك دفعته إلى "اتجاه ديني" أعلنه في اعتقاد ثابت لا يتأرجح، بأنه رسول من الله، لينذر أتباعه بإنذار الرسل الساميين القديم توبوا فجزاء الله حق!! وكل ما جد بعد ذلك كان نتيجة منتظرة للتصادم بين هذا الاعتقاد "بأنه رسول" وبين الكفر به، ومعارضته من فريق بعد فريق"١.

"وهناك حقيقة واحد مؤكدة "في تاريخه" وهي: أن الدافع له كان "دينيا" على الإطلاق، فمن بدأ حياته كداع كانت نظرته إلى الأشخاص والأحداث وحكمه عليهما نظرة تأثر فيها بما عنده من صورة عن الحكومة الدينية وأغراضها في عالم الإنسان"٢.

"ومحمد في البداية، لم يكن نفسه على علم بأنه صاحب دعوة إلى دين جديد! بل كانت معارضة المكيين له، وخصومتهم له من مرحلة إلى أخرى، هي التي قادته أخيرا وهو بالمدينة -بعد أن هاجر إليها- إلى إعلان الإسلام كجماعة دينية جديدة، بإيمانها الخاص، وبمنشآتها الخاصة.

"ويبدو أن معارضة المكيين له لم تكن لمحافظتهم وتمسكهم بالقديم، أو بسبب عدم رغبتهم في الإيمان.. بل ترجع أكثر ما ترجع إلى أسباب سياسية واقتصادية.. لقد تملكهم الخوف من آثار دعوته التي تؤثر على


١ المصدر السابق: ص٢٨.
٢ المصدر السابق: ٢٧.

<<  <   >  >>