للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

" ... إذن فقد صارت فرنسا بكل مكان في صلة مع الإسلام، بل صارت في صدر الإسلام وكبده، حيث فتحت أراضيه وأخضعت لسطواتها شعوبه، وقامت تجاهه مقام رؤسائه الأولين! وهي تدير اليوم شئونه وتجبي ضرائبه، وتحشد شبابه لخدمة الجندية، وتتخذ منهم عساكر يذبون عنها في مواقف الطعان ومواطن القتال".

"إن شعبا جمهوري المبادئ "شعب فرنسا" يبلغ عدد نفوسه أربعين مليونًا لا مرشد له إلا نفسه: لا عائلات ملوكية فيه يتنازعن الحكم، ولا رؤساء يتناولون الرياسة بطريق الوراثة, هو الذي تقلد زمام إدارة شعب آخر لا يلبث أن ينمو حتى يساويه في العدد، وهو ذلك الشعب المنتشر في الأرجاء الفسيحة والأصقاع المجهولة، والمتبع لتقاليد وعادات غير التي نحنوا لها ونحترمها.. هو الشعب الإسلامي السامي الأصل، الذي يحمل إليه الشعب الآري المسيحي الجمهوري الآن ملح المدنية وروحها"!!.

"ليس الإسلام في داخلنا فقط، بل هو خارج عنا أيضا ... قريب منا في "مراكش" تلك البلاد الخفية الأسرار, التي يشبه وجودها الحاضر مقدور الأبد في الغموض والاشتباه، قريب منا في "طرابلس الغرب" التي تتم بها المواصلات الأخيرة بين مركز الإسلام في البحر الأبيض المتوسط وبين الطوائف في باطن القارة الإفريقية، قريب منا في "مصر" حيث تصادمت معنا الدولة البريطانية فصادمنا إياها في الأقطار الهندية، وهو موجود وشائع في آسيا حيث لا يزال قائما في بيت المقدس وناشرا أعلامه على "مهد الإنسانية مقر المسيح"، ويحسب أنصاره وأشياعه في قارات الأرض القديمة بالملايين، وقد انبعثت منه شعبة في بلاد الصين فانتشر فيها انتشارًا هائلا، حتى ذهب البعض إلى القول بأن العشرين مليونا من المسلمين الموجودين في الصين لا يلبثون أن يصيروا مائة مليون، فيقوم الدعاء لله مقام الدعاء "لساكياموني" وليس هذا بالأمر الغريب، فإنه لا يوجد مكان على سطح الأرض إلا واجتاز الإسلام فيه حدوده منتشرًا في الآفاق.

"فهو الدين الوحيد الذي أمكن انتحال الناس له زمرا وأفواجا، وهو الدين الوحيد الذي تفوق شدة الميل إلى التدين به كل ميل إلى اعتناق دين سواه، ففي البقاع الإفريقية نرى المرابطين وقد أفرغوا على أبدانهم الحلل البيضاء، يحملون إلى الوثنيين من العبيد العارية أجسامهم من كل شعار قواعد الحياة ومبادئ السلوك في هذه الدنيا، كما أن أمثالهم في القارة الأسيوية ينشرون بين الشعوب الصفر الألوان قواعد الدين الإسلامي، ثم

<<  <   >  >>