أم أن سلطتها وسلطانها يجب أن يقف عند حد التوجيه الروحي، أي: عد حد القلب والإيمان، دون أن يتجاوزهما إلى الشئون المدنية والسياسية وعندئذ تترك هذه الشئون للأمراء والحكومات التي تقيمها الشعوب؟
- قبل أن يتبلور الصراع بين الكنيسة والحكومة في صورة الوضع الحاضر من الفصل بينهما كان الأمر في الشعوب الغربية قبل دخول المسيحية روما, إلى الجيش والقانون.
- وبعد أن دخلت المسيحية تحول الأمر بالتدريج إلى أن أصبح كله رجال الدين وإرادة الكنيسة.
- ثم أعقبه الوضع الحاضر من الفصل بين الاثنين.
فالصراع كان بين طبقة وطبقة، وسلطة وسلطة.
- معنى "الدين"، فأرادوا به التوجيه الروحي للأفراد.
- كما حددوا معنى "الدولة" و"الحكومة": فقصدوا بهما تنظيم العلاقات بين الأفراد.
واستعانوا في هذا التحديد بموقف المسيح في قومه، وبطابع رسالته إلى شعب إسرائيل وهي: رسالة "المحبة بين ذوي القربى" وقد كانت هذه الرسالة تحمل الدعوة إلى إعادة الصفاء بين النفوس التي مزقت روح الحقد والاضطهاد العلاقة بينها.
وبهذا كان "الدين" في تصور الغربيين مشتقا من طابع الرسالة التي جاء بها عيسى، وكذا من الحال التي انتهى إليها النزاع بين الكنيسة والحكومة الغربية. وأصبحت "الروحية" أو الدعوة إلى صفاء النفوس التي كدرتها شرور المادة والتزاحم في الحياة الدنيوية مجال اختصاص "الدين". وما خرج عن نطاق هذه الدعوة فليس من شئون الدين، ويرجع فيه إلى المصلحة العامة التي تقدرها الرعاية البشرية العامة للجماعة، وهي تلك الرعاية التي تمثل في "السلطة الحكومية" أو "الدولة".
وبناء على ذلك، يجب لتحديد أي دين سابق على المسيحية أو آخر لاحق لها -في تصور الغربيين- أن تؤخذ في مفهومه خصيصة المسيحية وهي: الدعوة إلى الصفاء النفسي فقط، أي: الوقوف عند حد "الروحية".