للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولعل ما نراه الآن في الصراع بين "الشرق الشيوعي" و"الغرب الصليبي" وهو صارع حول فكرتين مختلفتين، وما يتخذ في هذا الصرع من أساليب مختلفة ... يقرب لنا موقف الإسلام من "الإلحاد":

إن "الإلحاد" خطر على البشرية كلها، وليس خطرا على "الجماعة الإسلامية" وحدها. ومن هنا كان موقف الإسلام منه عدم المهادنة! وليست دعوة الإسلام إلى عدم مهادنة الإلحاد ميلا منه إلى الحرب في ذاتها، وإلا ما دعا إلى السلام وحرص عليه بادئ ذي بدئ كمبدأ عام من مبادئه وإلا ما ألزم المسلمين أيضا بالبقاء في حدود تصرف المعتدي، ولا يتجاوزون هذه الحدود بحال عند ردهم أي اعتداء عليهم. إذ مشروعية الحرب بالسيف ودفع المسلمين إلى القتال في ميدان الحرب، مرتبط بـ"رد" الاعتداء فقط على الجماعة الإسلامية.

إن عدم مهادنة "الإلحاد" دعوة لدفع الخطر المحدق بالإنسانية كلها، طلب الإسلام من المسلمين القيام بها. وفي دفع هذا الخطر، إقرار للسلم، واستقرار للجماعة الإنسانية، وكفالة إقرار السلم العالمي جانب من رسالة الجماعة الإسلامية في نظر الإسلام، ومن هنا كان دفع هذا الخطر فرضا ملازما لقيام "الجماعة الإسلامية" في أطوار حياتها وفي كل أجيالها، وعليها أن تكون متهيئة بصفة مستمرة للقدرة على دفعه.

وفي ذلك يقول القرآن الكريم:

{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} ١.

هذا التهيؤ والإعداد لدفع خطر "الإلحاد"، الذي يتمثل في الكفر وعدم الإيمان بالله واليوم الآخر، وهو ذلك المبدأ المعروف في الإسلام بمبدأ "الجهاد".

وطالما أريد أن يكون للجماعة استقلال، وطالما يناط بها كفالة إقرار السلم العالمي، فإن التهيؤ لإمكان صيانة استقلال الجماعة، وإمكان تنفيذ إقرار السلم العالمي, أمر يجب أن تكون له صفة الاستمرار والدوام في


١ البقرة: ٢١٦.

<<  <   >  >>