للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حياة الجماعة نفسها. وفي نداء القرآن للرسول بقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} ١ ما يشير إلى طلب الإعداد الدائم لمقاومة الضعف الداخلي والخطر الخارجي معا.

وتوجيه النداء على هذا النحو للرسول باعتباره راعيا ورئيسا للجماعة المؤمنة مما يؤيد أن الإسلام لم يكن وقفا على تبليغ رسالة، بل كان رعاية أيضا لاستقرار هذه الرسالة وتمكينها، سواء في وقت الرسالة أو بعده ... أي: هو "دين" و"دولة" معا.

فإذا طلب الآن بعض شراح الإسلام: جعل "الجهاد"، الذي هو مقاومة الاعتداء، فريضة "مؤقتة" بوقت الرسالة، أي: بوقت الرسول ودعوته.. إذا طلبوا إنهاء العمل بالجهاد بعد قيام الجماعة الإسلامية واستقرارها منذ فتح مكة، فقد طلبوا في واقع الأمر إغفال الحرص على استقلال الجماعة الإسلامية، والتنازل عن استمرار بقائها كوحدة في مواجهة الجماعات الأخرى، وهذا معناه جعل الإسلام دينا "لأفراد"، وليس دينا "لجماعة"..أو بعبارة أخرى جعله "دينا" لا "دولة" بالمعنى المفهوم لدى الغربيين.

وإذا ساق بعض آخر من شراح الإسلام: تفسير "الجهاد" على أنه رياضة نفسية روحية، وليس ردا لاعتداء مادي خارجي، كان مؤدى هذا التفسير هو نفس مؤدى توقيت الجهاد، على النحو السابق!

وإذا صرح فريق ثالث: بأن الإسلام "دين لا دولة" كان هذا التصريح واضحا في قصر الإسلام على "الأفراد" دون "الجماعة" وبعبارة أخرى كان واضحا في إلغاء شخصية الجماعة الإسلامية، وكان واضحا أيضا في محاولة إلغاء "الجهاد" أو إنكاره على الإسلام، كرسالة من رسالات السماء، مع أنه جزء لا يتجزأ منها.

- حاول السير "أحمد خان" -زعيم الحركة الإصلاحية في الهند في النصف الثاني من القرن التاسع عشر -المحاولة الأولى.


١ التوبة: ٧٣، والتحريم: ٩.

<<  <   >  >>