للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن القرآن يقول في توجيه أمر الله إلى المؤمنين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} ١.

ويزيد على ذلك فيطلب القرآن منهم مقاومة الإلحاد والملحدين وأهل الأهواء والنزعات: إذ يقول: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} ٢.

إن إقامة شعائر المؤمن لا تؤدي إلا في ظل رعاية مؤمنة بالله، وأن تماسك المؤمنين لا يقوى إلا في ظل سياسة موحدة متجانسة، وإن وعي الأفراد بجماعتهم لا ينشأ ولا يبقى إلا تحت حماية ودفع لهذا الوعي الجماعي، وذلك لا يكون إلا إذا كان الإشراف العام في الجماعة يصدر عن العوامل المشتركة في هذا الوعي بين الأفراد جميعا.

واليوم يسعى العالم إلى "حكومة عالمية" ولا ينكر أحد عليه هذا السعي، اليوم تقترب الثقافات والجماعات والطوائف، ولا ينشد أحد من بين هذه الجماعات والطوائف أن يقف في سبيل هذا التقريب، فإذا جاء الإسلام بوحدة في الرباط والنظم والقواعد لجماعته المؤمنة، أنكر فريق من المسلمين عليه ما جاء به في هذا الجانب.. باسم التجديد، والحضارة، ورغبة في اللقاء مع الأمم المتمدينة في صعيد واحد.

ولكن -كما ذكرنا- أن "تجديد" الشرق في الفكر الإسلامي الحديث هو تقليد لفكر الغرب في القرن التاسع عشر.. تقليد لفكر إنساني انكشف ضعفه، وهواه وعصبيته، وانتهى أجله واعتباره.

إنه الشرق يستورد ... ولا يخلق؟؟

هل نرجو الآن أنه قد وعى، وسيخلق يبني، ثم يرود لغيره كما كان يفعل؟؟


١ النساء: ١٤٤.
٢ التوبة: ٢٩.

<<  <   >  >>