للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البشر! وليس من المعقول لدى هذا الكتاب أن تكون هناك جماعة إسلامية لها سياسة واحدة، ولكن من المعقول أن تكون هناك وحدة دينية.

"معقول أن يؤخذ العالم كله بدين واحد، وأن تنتظم البشرية كلها وحدة دينية.. فأما أخذ العالم كله بحكومة واحدة، وجمعه تحت وحدة سياسية مشتركة، فذلك مما يوشك أن يكون خارجا عن الطبيعة البشرية، ولا تتعلق به إرادة الله! على أن ذلك إنما هو غرض من الأغراض الدنيوية، التي خلى الله سبحانه وتعالى بينها وبين عقولنا، وترك الناس أحرارا في تدبيرها، على ما تهديهم إليه: عقولهم وعلومهم، ومصالحهم، وأهواؤهم ونزعاتهم"١.

وعندئذ.. "لا شيء في الدين يمنع المسلمين أن يسابقوا الأمم الأخرى، في علوم الاجتماع والسياسة كلها، وأن يهدموا ذلك النظام العتيق الذي ذلوا له واستكانوا إليه، وأن يبنوا قواعد ملكهم ونظام حكومتهم على أحدث ما أنتجته العقول البشرية"٢.

أي للمسلمين أن يتخيروا أي نظام لحكمهم.

لهم أن يتخيرو نظام الحكم: المطلق أو المقيد، الفردي أو الجمهوري، الاستبدادي أو الشوري، الديمقراطي أو الاشتراكي، البلشفي أو الشيوعي.

"إن يكن الفقهاء أرادوا بالإمامة والخلافة ذلك الذي يريده علماء السياسة بالحكومة، كان صحيحا ما يقولون: من أن إقامة الشعائر الدينية وصلاح الرعية يتوقفان على الخلافة في أي صورة كانت الحكومة، ومن أي نوع: مطلقة أو مقيدة، فردية أو جمهورية، استبدادية أو شورية، ديمقراطية أو اشتراكية، أو بلشفية"٣.

ولقارئ هذه النصوص أن يسأل الآن:

كيف يمكن إقامة الشعائر الدينية "الإسلامية أو غيرها" في ظل حكومة تخضع للهوى والنزعات، وفي حكومة بلشفية لا دينية, وفي ظل حكومة إلحادية مادية؟؟


١ الإسلام وأصول الحكم ص٧٨.
٢ المصدر السابق ص١٠٣.
٣ المصدر السابق ص٥٣.

<<  <   >  >>