سنعرض للدعاية الشيوعية؛ لأن ظهور الفكر الماركسي في الأدب العربي، وفي الفكر الإسلامي -بوجه عام- لا بد أن يظهر في صورة الدعاية الشيوعية قبل أن يعلن عن نفسه في فلسفة المذهب نفسه، وقد فرقنا بين النوعين من قبل: بأن أحدهما -وهو الفلسفة- يسير في دقة المصطلحات الفنية، وثانيهما -وهو الدعاية- يتحرك في أسلوب "التهويل" أو"الاستخفاف"!! لا بد أن يظهر الفكر الماركسي في الشرق الإسلامي في صورة الدعاية الشيوعية؛ لأن هذه الصورة أقرب إلى عقلية الجماهير من ذلك التحديد الفني الفلسفي الدقيق الجاف، الذي يتوقف فهمه من الوجهة الفكرية على ثقافة خاصة.
والدعاية الشيوعية عامة كما سبق تركز قوتها في ثلاث نقاط:
- الاستخفاف بأصحاب المزارع، وأصحاب رءوس الأموال، وتمجيد أصحاب العمل البدني بعد ذلك كله.
ونجد هنا في الشرق الإسلامي أن توهين أمر الدين، ورجال الدين، هو الهدف الأول للدعاية الشيوعية؛ لأن الإسلام في هذا الشرق يعتبر مصدر أنواع القيم الثلاث الثابتة: الروحية، والعقلية، والدينية، ثم هو مع ذلك مصدر تحديد وضعية المرأة في المجتمع الإسلامي كذلك، وأخيرًا هو مصدر حق "الملكية الفردية" سواء للأراضي الزراعية، أو للصناعات.
يضاف إلى ذلك، أنه ليس في الشرق "رأسمالية" بالمعنى المفهوم في الفلسفة الماركسية، التي قامت هي لمقاومة نفوذها هناك في أوروبا، وتقاومها الدعاية الشيوعية اليوم في أوروبا وأمريكا، والخصومة بين الماركسية، ورأس المال هي التي طبعت الفكر الماركسي بالطابع الاقتصادي كما ذكرنا قبلا، وطالما لم تقم هنا في هذا الشرق الإسلامي صناعات كبيرة، وعديدة أيضا, وطالما يقترب عدد عمال المصانع من عدد عمال المزارع أو يزيد، فالحديث عندئذ عن الرأسمالية، في مهاجمتها، أو تأييدها، حديث سابق لأوانه، وتقليد هنا في غير ذي موضوع، كما أشرنا من قبل.
ويلي أمر الدين ورجال الدين -في الدعاية الشيوعية- السخرية والاستخاف بأصحاب المزارع الكبيرة، ووضعهم في الرتبة الثانية بعد رجال