أيقظ الاستعمار الغربي الصليبي بعض المفكرين المسلمين. ووجههم لأن يكونوا دعاة ضد سلطته في أية بقعة من بقاع العالم الإسلامي. ودعتهم دعوتهم لأن يعمدوا على "الإسلام" كوسيلة أولى في إيقاظ شعوب منطقة الشرق الإسلامي ضد هذه السلطة الدخيلة، التي تصحبها روح "الانتقام" من المسلمين، منذ أن انتصروا على الصليبيين في القرن الثالث عشر، وفي تجميع قوى هذه الشعوب على العمل على تطهير البلاد الإسلامية منها. ودعاهم اعتمادهم على الإسلام إلى أن يغيروا في صورة عرضهم إياه، أو إلى أن يقربوا ويلائموا بين تعاليمه وبين أهداف الحياة القائمة إذ ذاك ... دعاهم ذلك إلى أن يكشفوا عن الإسلام: مصدر قوة، وغاية في نفسها مصدر قوة في الحياة، وغاية للحياة كذلك. والمسلمون إذا عاشوا به عاشوا أقوياء، وإذا عاشوا من أجل هدف ما، عاشوا من أجل الإسلام وحده؛ لأنه رسالة الإنسان في الحياة وفي العالم الواقعي.
وظهرت في هذه الفترة، على مسرح "الإصلاح الديني" بالمعنى السابق شخصيتان إسلاميتان:
- أحدهما عربية سامية هي شخصية الشيخ محمد عبده.
- والأخرى آرية هندية هي شخصية محمد إقبال.
وكلاهما عاش في القرن التاسع عشر، وأدرك القرن العشرين.
وكلاهما حفظ القرآن الكريم، ووقف على حياة الشرق بسبب ميلاده وتوطنه فيه ورأى حياة الغرب بالارتحال إليه وبالإقامة فيه فترة من الزمن، وكلاهما مال إلى التصوف، ورأى في التصوف رفعة النفس الإنسانية وصفاءها، وقوة احتمالها إزاء الأزمات والأحداث.
إلا أن أولهما كان يعي من الثقافة الإسلامية, بقدر ما كان الثاني يعي من التفكير الغربي، ومارس أولهما أيضا الفكر الإسلامي في دراسته وتدريسه وبحثه، بقدر ما مارس الثاني دراسة الفكر الغربي وبحثه, وأولهما أدرك مطلع القرن العشرين, والثاني عاش إلى ما يقرب من نهاية نصفه الأول.
دفع الشيخ محمد عبده -عن طريق جمال الدين الأفغاني- إلى مواجهة الاستعمار الغربي وما صحبه من صليبية الغرب في تشويه الإسلام وتحريفه, ومن نشر هذا التحريف والتشويه بين قادة الغد من المسلمين.