للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الملوك على بابه، رضي من السعي بالقنوع، ولذا له الاستجداء والخشوع!! "١.

نظرة الإسلام إلى العالم الواقعي:

وتقوم فكرته الإصلاحية -بعد أن ذكر الدوافع الثلاثة السابقة -على عنصرين أساسيين:

- تغيير مفهنم عالم الطبيعة أو الواقع، أو بعبارة أخرى رد هذا المفهوم إلى ما اعتبره المسلمون الأول من كون عالم الطبيعة مجالا لحركة الإنسان وسعيه ومعرفته، وبالتالي تنحية ما صار إليه مفهومه من كونه "مخيفا" أو "شرا".

- شرح بعض المبادئ الإسلامية: كختم الرسالة و"التوحيد" و"الاجتهاد" على أنها عوامل تدفع الإنسان إلى الحركة والسعي في هذا العالم الواقعي.

وإذن يبغي "إقبال" من إصلاح الفكر الديني في الإسلام، أن تعود القوة للمسلم وأن يرى قوته هذه ليست في اتباع فلسفة من فلسفات الغرب، بل في فهم الإسلام فهما صحيحا، على نحو ما فهمه الأوائل، لا على ما صار إليه الأمر في عهد الركود.

وفهم الإسلام فهما صحيحا سيمكن المسلم من السيطرة على "الواقع" والطبيعة -كما تمكن الغربي منها- وفي الوقت نفسه سيبعد عنه جفاف حياة الغربي وقلقه النفسي فيها، وسيجعله أكثر إلماما بـ"الحقيقة".

فالغربي بمذهبه المادي سخر الطبيعة وسيطر عليها، ولكنه أدرك من "الحقيقة" نوعا منها فقط، وهو نوع الحقائق الجزئية، أما "الحقيقة الكلية" وهي حقيقة "الذات المطلقة" فلم يصل إليها؛ بل أنكرها. وكان إنكاره إياها سبب شقوته وقلقه واضطرابه؛ وهو أنكرها لأنه أراد أن


١ الدكتور عبد الوهاب عزام: كتاب "محمد إقبال: سيرته، وفلسفته، وشعوره" ص١٠٠ من "منظومة أسرار خودي" مطبوعات الباكستان سنة ١٩٥٤.

<<  <   >  >>