للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن هذا الخطأ هو أن تجعل "التجربة" التي تستخدم في الطبيعة وسيلة عامة لكل أنواع المعرفة التي يمكن أن يحصلها الإنسان. ورأى أن يحصلها الإنسان، ورأى أن ما يجب أن يتبع حتما في تحصيل المعرفة هو "التجربة" ولكنه تختلف باختلاف مجالات "الواقع". وأن إدراك القلب وسيلة من وسائل التجربة لا تقل في تحصيل اليقين والكشف عن الحقيقة عن الإدراك الحسي، الذي هو الوسيلة المفضلة عند "الوضعيين".

- والإسلام -إذن- في نظر "إقبال" يتميز عن الأديان كلها، وفي مقدمتها المسيحية ... كما يتميز عن المتيافيزيقا والفلسفة العقلية، وهو بتميزه هذا لا يقف في الخصومة مقابل المعرفة التجريبية، أو مقابل "الوضعية" التي سادت القرن التاسع عشر، وخاصمت الدين، والميتافيزيقا، والمثالية العقلية، هو خارج عن هذا النزاع، ولذا لا يوجه إليه نقد، ولا يرمى بالعجز الذي وجهته "الوضعية" ورمت به ما عداها من مذاهب المعرفة، ومصادر العلم والحقيقة، فلسفة ودينا على السواء.

وهذا مما يجعل للموافق لإقبال على فلسفته هذه أن يعيد القول هنا مرة أخرى بأن "التجديد" في الفكر الإسلامي بنقل بعض مذاهب التفكير الأوروبي في القرن التاسع عشر، واستخدامها في التقليل من قيمة الإسلام, ترديد لأمر ليس له موضوع في المجتمع الإسلامي، وليس له صلة بالإسلام كمصدر توجيه في هذا المجتمع.

وحدة الذات الإنسانية وخلودها:

وضح "إقبال" حتى الآن، قيمة العالم الواقعي -هو عالم الطبيعة والمادة- بالنسبة للإنسان المسلم، كما وضح أنه مطلوب من جهة المسلم أن يتصل به اتصال المكتشف المجرب، كي يسيطر على قواه، ولكن لتنمية روحانيته لا لهدف آخر غير نبيل، وأكد هذه القيمة في غير نص من النصوص الكثيرة، التي اضطررنا لنقلها هنا، ليخلص إلى:

- أن المسلم "واقعي" بحكم دينه.

- وأنه ليس برهباني مسيحي، ولا بصوفي من أصحاب فكرة "الفناء".

- وإلى أن فهمه الابتعاد عن هذا العالم لما فيه من "شر"، يجب أن يتغير إلى النقيض.

<<  <   >  >>