للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا التغير في فهم العالم المادي، إحدى الفكر التي طلب إقبال إعادة بنائها وتجديدها على أساس إسلامي خالص فيما سماه، "تجديد الفكر الديني في الإسلام".

وضح إقبال هذا كله ليدفع المسلم إلى الحركة نحو واقع الحياة، وإلى أن يشارك الغربي في هذه الحركة "لا تقليدا له، ولكن بوحي داخلي من ثقافته الإسلامية.

وهنا نجد إقبال فيما يصور عليه "ذات" الإنسان، وفيما يمنحها من استقلال وفيما يراه فيها من حركة مستمرة وإبداع يتجدد، يشبه "الخلود" في الدوام وعدم الانقطاع بما يسمى "الموت" يدفع المسلم إلى الحركة في العالم الواقعي مرة أخرى، وإلى العمل في قوة.

وفيما يذكره -بعد ذلك- من الحديث عن "الحقيقة" الكلية" "الله"، وعن الرياضة الصوفية كطريق لكسبها وتحصيلها -يبغي به "التوازن"، أو يقصد إلى دفع أضرار الواقعية البحتة، وأخطار نتائجها التي تتمثل في عدم الاستقرار وصفاء النفس، وكفاحها المرير من أجل المال.

"الحياة كلها فردية، وليس للحياة الكلية وجود خارجي، حيثما تجلت الحياة تجلت في شخص، أو فرد، أو شيء.. والخالق كذلك فرد, ولكنه أوحد لا مثيل له"١.

"إن لذة الحياة مرتبطة باستقلال "أنا" وبإثباتها، وإحكامها، وتوسيعها، وهذه الحقيقة تمهد إلى فهم حقيقة الحياة بعد الموت"٢.

وبهذين النصين -مع نصوص أخرى ستأتي- يشير "إقبال" إلى رأيه في الإنسان: يراه فردا لا جماعة, أي: إن الجماعة تتكون منه ولا تخلقه هي.. هو أصلها وليست هي أصلا له.. يراه مستقلا لا يفنى في غيره، حتى في ذات الله لا يفنى فيها عن طريق الرياضة الصوفية، كما فهم خطأ من يفسر قول الحلاج: "أنا الحق" على أنه الإفناء في الله.. يرى ذات الإنسان


١ كتاب: إقبال, سيرته وفلسفته، وشعره: "منظومة أسرار خودي" ص٥٦.
٢ المصدر السابق: ٢٥٤.

<<  <   >  >>