للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبدية خالدة، ولها ديمومة وخلود في العمل، وأن "الموت" حالة "استرخاء" و"البعث" بمثابة "جرد البضائع" و"النار" إدراك لألم الإخفاق في السعي، و"الجنة" إدراك لسعادة الفوز على قوى الانحلال.

أراد "إقبال" أن يشعر المسلم بنفسه، وبقيمته في الحياة، وأن يحمله على أن يعتد بنفسه كقوة "خالقة" على نحو ما تصور "نيتشه": "الإنسان المتفوق" ويتكون هذا الشعور عنده، يندفع في الحياة وإلى الحركة في "الواقع" الذي أصبح معبدا له الآن، بعد أن أعيد النظر إليه من الوجهة الإسلامية, وأصبح في نظر "إقبال" يرى أنه ليس شرا, وأنه المجال الطبيعي لحركة الإنسان وتنمية ذاتيته.

ولكن ما أراده "إقبال" للإنسان المسلم، كي يقوى ويندفع في الحياة, وفي بحث الواقع -خرج به تفسير الإسلام أحيانا على نحو لا يخالف فيه الجمهرة الكثيرة من مفسري القرآن فحسب، بل على نحو يجعله متكلفا في تخريج نصوصه على حسب أساليب اللغة العربية، وربما ينزلق به تكلفه في التخريج، إلى باب "التحريف" في التأويل.

فعن وحدة الذات يذكر أيضا:

"أرى أن هدف الإنسان الديني والأخلاقي إثبات ذاته لا نفيها. وعلى قدر تحقيق إنفراده أو وحدته يقرب من هذا الهدف، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم: $"تخلقوا بأخلاق الله", فكما شابه الإنسان هذه الذات الوحيدة، كان هو كذلك فردا بغير مثيل ... إنا نسأله: ما الحياة؟ وواضح أن الحياة أمر فردي، وأعلى أشكاله التي ظهرت حتى اليوم "أنا" وبها يصير الفرد مركز حياة، مستقلا قائما بنفسه، فالإنسان من الجانبين الجثماني والروحي، مركز حياة قائم بنفسه، ولكنه لما يبلغ مرتبة الفرد الكامل هو الأقرب إلى الله، ولكن ليس القصد من هذا القرب أن يفنى وجوده في وجود الله، كما تقول فلسفة الإشراق، بل هو عكس هذا، يمثل الخالق نفسه"١.

كما يقول:

"يؤكد القرآن للنفس الإنسانية بأسلوبه البسيط، حريتها وخلودها المفعم بالقوة، كما يؤكد شخصية الإنسان وفرديته، وله -في نظري- رأي


١ المصدر السابق: ص٥٦.

<<  <   >  >>