للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معين محدد في مصير الإنسان بوصفه وحدة من وحدات الوجود، وهذا الرأي في شخصية الإنسان وفرديته -وهو رأي يستحيل معه أن تزر وازرة وزر أخرى؛ بل يقتضي أن كل امرئ بما كسب رهين- هو الذي أدى بالقرآن إلى رفض فكرة الفداء"١.

والإنسان محتفظ بفرديته واستقلاله، لا تسلبه الرياضة الصوفية هذا الاستقلال بحال. وتاريخ "الرياضة" في الإسلام يؤكد أنها تجعل الإنسان كما قال الرسول: $"يتخلق بأخلاق الله". وقد عبر عنها بعبارات مثل: "أنا الحق" الحلاج و"أنا الدهر" "النبي محمد"، و"أنا القرآن الناطق" "علي"، و"سبحاني" "بايزيد".

"وفي التصوف الإسلامي الرفيع ليس معنى أن: إرادة الإنسان هي عين إرادة الله، أن النفس الإنسانية تمحو شخصيتها هي بنوع من الاستغراق في الذات غير المتناهية، بل الأحرى أن الذات غير المتناهية تدخل بين أحضان محبها المتناهي"٢.

وفي خلود هذه الذات الإنسانية المستقلة أبدا، يقول "إقبال": "إن خلود الذات أمل، ومن أراد أن يظفر به فليجد ويدأب لبلوغه، والظفر به موقوف على أن نسلك طريقا للفكر والعمل في هذه الحياة، يعيننا على حفظ التوازن، ولا يستطيع إبلاغنا هذا الأمل دين "بوذا"، ولا التصوف العجمي، ولا ما إلى هذين من نظم الأخلاق الأخرى، ولقد أضرت بنا هذه الطرق فأضاعتنا وأنامتنا، إن هذه المذاهب هي الليالي في أيام حياتنا.

"وإن قصدنا بأفكارنا وأعمالنا إلى حفظ حالة التوازن في ذواتنا. فأغلب الظن أن صدمة الموت لا تستطيع أن تؤثر فيها ... تعرض بعد الموت حال من "الاسترخاء" يسميها القرآن الحكيم: "البرزخ" وتدوم هذه الحال حتى الحشر. ولا تبقى بعد الاسترخاء إلا النفوس التي أحكمت ذواتها أيام الحياة"٣.


١ تجديد الفكر الديني في الإسلام: ص١٠٩.
٢ المصدر السابق: ص١٢٦.
٣ محمد إقبال: سيرته، وفلسفته، وشعره: "أسرار خودي" ص٥٨.

<<  <   >  >>