للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- والوحدة التي نسميها الإنسان هي: جسم إذا نظرت إلى عملها بالنسبة لما نسميه العالم الخارجي. وهي عقل أو نفس إذا نظرت إلى عملها باعتبار ما له من غاية، وإلى المثل الأعلى الذي يستهدفه هذا العمل١.

ويزيد إقبال في شرح "وحدة" الحقيقة الإسلامية في جوهرها وحقيقتها. وفي أن النظر الإنساني هو الذي يجعلها ذات اعتبارين فيقول:

"وروح "التوحيد" بوصفه فكرة قابلة للتنفيذ هو. المساواة. والاتحاد. والحرية. والدولة في نظر الإسلام هي: محاولة تبذل بقصد تمويل هذه المبادئ المثالية إلى قوى مكانية زمانية؛ هي إلهام لتحقيق هذه المبادئ في نظام إنساني معين. والدولة في الإسلام، ليست ثيوقراطية -أي: دينية- إلا بهذا المعنى وحده، لا بمعنى: أن على رأسها خليفة لله على الأرض، يستطيع دائما أن يستر إرادته المستبدة وراء عصمته المزعومة. وقد غاب هذا الاعتبار عن أنظار نقاد المسلمين.

"فالحقيقة القصوى في نظر القرآن روحية، ووجودها يتحقق في نظامها الدنيوي، والروح تجد فرصتها في الطبيعي، والمادي، والدنيوي. فكل ما هو دنيوي إذن هو طاهر وديني في جذور وجوده. وأعظم خدمة أداها التفكير العصري إلى الإسلام، بل في حقيقة الأمر إلى كل دين، هي تمحيص ما نسميه ماديا أو طبيعيا تمحيصا أظهر أن المادي فحسب لا يكون له حقيقة، إلى أن نكشف عن أصلها متأصلا فيما هو روحاني، فليس ثمة دنيا دنسة، وكل هذه الكثرة من الكائنات المادية إنما هي مجال تحقق الروح وجودها فيه فالكل أرض طهور ... فالدولة في نظر الإسلام، ليست إلا محاولة لتحقيق الروحانية في بناء المجتمع الإنساني، وإلا بهذا المعنى تكون كل دولة ليست مؤسسة على مجرد السيادة والسلطان، بل تهدف إلى تحقيق المبادئ المثالية، دولة ثيوقراطية"٢.

ويرجع إقبال فكرة الفصل بين الدين والدولة، التي شاعت في المجتمع الإسلامي، إلى تاريخ النظريات السياسية الأوروبية.


١ المصدر السابق: ص٢٧٧.
٢ المصدر السابق: ص١٨٧.

<<  <   >  >>