للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بجامعة بون, عن الإسلام في مجال الفقه، أو مجال الفلسفة والكلام، و"هورتن" ليس العالم الذي يكتب عن بحث ودراسة، أو فهم ودقة في الفهم، فضلا عن أن يكون له طابع الباحث العلمي، وهذا هو تقديره في ميدان الاستشراق الألماني.

كما أن حسن ظنه بالمستشرقين قد يجعله يوافق على حل لمشكلة، قام على أساس عقيدة مسيحية، تتنافى هذه العقيدة مع العقائد الأساسية في القرآن؛ لأنه ردد هذا المحل بعض علماء اللاهوت المسيحيين المشتغلين بالدراسات الإسلامية فيذكر مثلا مشكلة "الشر" في العالم، ثم يطلب حلها في رأي بعض هؤلاء ويوافق عليه، ويقول في ذلك:

"وإذا كانت الإرادة الإلهية التي يحددها العقل إرادة خيرة، فإن معضلة جديدة تعترض سبيلنا، تلك هي: أن سير التطور كما أظهره العلم الحديث, يتضمن آلاما وظلما تكاد تشمل العالم كله، ولا شك أن الظلم مقصور على البشر وحدهم، ولكن ظاهرة الألم تكاد تكون عامة، وإن كان من الحق أيضا، أن البشر في مقدورهم احتمال الألم، وقد احتملوا المرير منه في سبيل ما اعتقدوا أنه خير. وهكذا، فإن حقيقتي الشر الأخلاقي، والشر المادي, تبرزان في الوجود الطبيعي, وليست نسبية الشر, ووجود قوى تعمل على تبديله، بمصدر عزاء لنا؛ لأنه على الرغم من كل هذه "النسبية" وهذا "التبديل". فإنه فيه ناحية إيجابية رهيبة، فكيف يمكن إذن التوفيق بين قدرة الله المطلقة واتصاله بالخير، وبين شيوع الشر في خلقه؟؟

"وهذه المعضلة هي في الواقع مشكلة الألوهية ... ولم يتناول واحد من الكتاب المحدثين تقرير هذه المعضلة تقريرا أدق وأوفى، مما كتبه "نومان" Naumann في كتابه: "رسائل في الدين" إذ قال: إن لنا معرفة بالكون ترينا إله قوة وقدرة، يبعث الحياة والموت متلازمين تلازم الظل والنور، وتعلمنا كذلك عقيدة "النجاة والخلاص" إذ تقرر: أن هذا الإله نفسه هو أب البشر, فالتأسي بإله العالم يولد خلق الكفاح في سبيل الوجود. وعبادة أبي: "يسوع المسيح" تبعث خلق الرحمة، ومع هذا فهما ليسا إلهين، بل هما إلها واحد تتشابك ذراعاهما بطريقة ما، غير أنه لا يستطيع مخلوق أن يقول: وأين؟؟ وكيف يحدث؟؟ ".

إن "إقبال" في تجديد الفكر الديني في الإسلام, كان جامعيا في محاولته ... في عمله الفكري للخاصة، وفي اعتبار هذا العمل لجيل معين,

<<  <   >  >>