للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يهوي في الفضاء بحسب ناموس لا يتحول ولا يتبدل ولا حيلة فيه سوى متابعة الصلوات والدعوات والاستغاثة بالله الأحد الذي هو مستودع الآمال! ولفظة الإسلام معناها: "الاستسلام المطلق لإرادة الله".

"ترى الديانتين، أو بعبارة أخرى المدنيتين: المسيحية والإسلامية، إحداهما بإزاء الأخرى، وتتصل الاثنتان بعضهما ببعض من حيث المنشأ العام لهما إذ هما مشتقتان من الأصول اليونانية والسامية، ومنهما استمدتا جانبا من العقائد والمذاهب والآداب, فهما إذن متداخلتان من وجوه عدة، ولكن مسافة الخلف بينها شاسعة في الحقيقة: من حيث البحث في القدرة الإلهية والحرية البشرية"١.

كتب هذا رينان في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، وكان يظن أن العقلية العلمية أو الطريق العلمي -الذي تدعي العقلية الغربية المعاصرة أنه من مفاخر القرن العشرين؛ لأنها تزعم أنها لا تخضع في بحث المسائل, وإصدار الأحكام لأثر حزبي أو مذهبي أو عاطفي، أو نحو ذلك مما يتأثر بها الإنسان العادي أو البدائي في أحكامه- كان يظن أن هذا القرن العشرين لا يصدر فيه تصوير مثل تصوير رينان للتثليث المسيحي مرة، وللتوحيد الإسلامي مرة آخرى!

ولكن مجلة "The Muslim World"٢ تردد هذا المعنى في شرح آية {إِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} فتقول ما ترجمته:

"إن إله الإسلام متكبر جبار مرتفع عن البشرية يطلب أن يسير العابد نحوه بينما إله المسيحية عطوف متواضع يتودد للناس، فظهر في صورة بشر -وذلك هو الإله الابن- فعقيدة التثليث في المسيحية قربت الإنسان من الإله: وأعطته نموذجا رفيعا واقعيا في حايته يسعى ليقترب منه ... أما عقيدة التوحيد فباعدت بين الإنسان والإله، وجعلت الإنسان متشائما من شدة الخوف منه، ومن جبروته وكبريائه ... "‍!


١ تاريخ الإمام: ج٢ ص٤٠٧ -٤٠٩.
٢ عدد أكتوبر سنة ١٩٥٥، التي يصدرها دكتور Crayg مدير مؤسسة Hartford للدراسات الدينية والشرقية بالولايات المتحدة الأمريكية.

<<  <   >  >>