أكبر العون في حل المشكلات التي تدور في حياة الأسر الإسلامية، والاقتصاد الإسلامي والتوجيه الإسلامية، وبذلك كان يمكن أن تكون هناك قوة فكرية روحية ثالثة في الشعوب الإسلامية، تواجه القوتين العالميتين الرئيسيتين اليوم: الصليبية الغربية، والشيوعية الدولية، ولا عوض عن الأزهر، وكل يوم يمر عليه في أزمته يزيد في ضعف قيمته، ويقلل من الانتفاع به في تكوين تلك القوة الثالثة التي كان يجب أن يكون لها شأن اليوم.
وإصلاح الأزهر ليس رفع مرتبات، ولا إعادة طبع الكتب المتأخرة، ولا اقتباس نظام وزارة التربية والتعليم، ولا ملاحقة هذه الوزارة بطلب مشورتها والإفادة من خبر رجالها، ولا بزيادة كم العلماء والطلاب ...
إصلاح الأزهر فكرة، وتنفيذ رسالة، هي فهم الإسلام، وحسن عرضه، والملاقاة به لما يواجه المسلم من مشاكل، وهي رسالة فريدة، لا يمكن لمؤسسة تعليمية أخرى أن تنهض بها، ولذلك لا تجدي مشورة وزارة التربية والتعليم في شأنها.
ومشيخة الأزهر ليست وظيفة يذل أو يستخدم القائم بأمرها لهدف سياسي وليست إدارة لجامعة على نحو أية جامعة أخرى في الشرق ...
هي إيمان وإدراك للقيم، وفهم صادق للحياة والإيمان، هو الإيمان بالله أولا، والإدراك للقيم هو الإدراك أولا للكرامة الإنسانية، والفهم الصادق للحياة هو الفهم أولا لوضعية الشعوب الإسلامية في خضم المجال الدولي المعاصر، وفي التنافس الغربي والشرقي على جعلها تابعة تسير في فلك هذا أو ذاك.
إن حركة التحرير في مصر -بعد النصف الأول من قرننا الحاضر- تحاول "تصفية" رواسب الاستعمار في السياسة التعليمية، ومن هنا كان عليها أن تضع الأزهر وضعه الصحيح، فتباشر فيه تصفية رواسب الماضي الضعيف، وتجعله ذا رسالة إيجابية في تهيئة المجال الحيوي لمصر في إفريقيا الإسلامية، وفي مقابلة الاستعمار الغربي، في أية صورة من صوره في قوة، وفي الإسهام في حل مشاكل الشعوب الإسلامية، والاجتماعية والاقتصادية, وهي كثيرة معقدة، وفي مقدمتها شعب مصر.
إن "السراي" على عهد الخديوية والملكية على السواء، كان لها هدف خاص من الأزهر يبعده عن رسالته الأصلية، وإن الأحزاب السياسية.