للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويفترض اللورد كرومر في كتابه "مصر الحديثة": أن الرجل المسلم يتمسك بالإسلام أشد من تمسك المرأة المسلمة بالإسلام! ويعلل هذا الافتراض -على أنه ظاهرة في الحياة الإسلامية- بأنه يرجع إلى اختلاف وضعية كل من الرجل والمرأة في الإسلام، على النحو المشار إليه من قبل.

ويشرح المستشرقون مبدأ الإسلام في "عدم قبول المسلم لولاية الأجنبي" بفكرة عدم التعاون مع الشعوب الأخرى، أو بفكرة النفرة من رياسة غير المسلم ولو كان ذا كفاية أو أهلية للرياسة والتوجيه أكثر من المسلمين أنفسهم!

أما "الجهاد": فهو عند هؤلاء فكرة الاعتداء نفسها، أعطاها الإسلام صبغة شرعية ودينية، كي يدفع بها السلم لمهاجمة غير المسلم في وقت أمن فيه على نفسه وعرضه وماله! إنها فكرة الغدر أو تشجيع العدوان، ولهذا الشرح أثر سيئ إلى أقصى حد في علاقة الشعوب الغربية بالمسلمين، وفي تصورهم لحياة المسلم وأهدافه في الحياة.

وهكذا يرى القوم في مبدأ "عدم زواج المسلمة بغير المسلم" فكرة العنصرية القائمة على تمييز الشعوب بعضها على بعض، بدافع العصبية الكريهة أو بدافع الغرور، دون أن يكون هناك مبرر واقعي أو منطقي لهذا التمييز!

وفكرة "العودة إلى القرآن الكريم".. التي نادى بها ابن تيمية، وتابعه فيها غيره من المصلحين بعده ... لدفع ما ساد من عصبية جاهلية للمذاهب الكلامية والفقهية، وما ترتب على ذلك من انقسام المسلمين إلى طوائف انقساما واضحًا! نادى ابن تيمية بها تطبيقا لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} ١. وهذه الفكرة ترمي في نظره أولا إلى عدم تحكم الخلافات المذهبية والشروح العديدة المختلفة لتعاليم الإسلام من ظاهرية وباطنية وصوفية وفقهيه إلى غير ذلك في توجيه المسلمين، وترمي ثانيا إلى العودة إلى صفاء التعاليم الإسلامية وبساطتها قبل تعقيدها بالشروح المغرضة أو القائمة على تعسف وعدم استقامة في تخريجها ... وبهذا وذلك


١ النساء: ٥٩.

<<  <   >  >>