إنني لا أعرض هذا الكتاب لأسلي القارئ، أو لأهون عليه أمر خصومنا:
إنني أعرضه لأهيب بأهل العلم: قوموا واعملوا، إذا كنتم تريدون أن يزيد احترامنا في قلوب الناس.
- المؤلف: لم يفهمنا ولم نفهمه:
هذه محاولة لإنجاز تاريخنا الطويل في نيف و٣٥٠ صفحة، حاول "جاستون فييت" أن يقدم "بانوراما" لتاريخ الإسلام.
والطريقة التي سار عليها طريقة معروفة اتبعها غيره في تلخيص تواريخ غيرنا من الإمم، وهي عرض التاريخ عن طريق صفحات مختارة من أقوال المؤرخين والكتاب المعاصرين لكل فترة من فترات هذا التاريخ إذا أمكن.
ومهمة المؤلف في أمثال هذه الكتب هي تحديد الاتجاه الذي سيسير عليه الكتاب، ثم في اختيار الصفحات بناء على ذلك الاتجاه، وأخيرا الربط بينها بعبارات مختصرة قدر الإمكان.
وهنا خطورة هذا الطراز من التأليف؛ لأن المؤلف مهما اجتهد في تحري الإنصاف في الاختيار لا يمكن أن يتخلص من شخصيته وميوله، ولا يمكن بالتالي أن يقول: إن الكتاب ليس من تأليفه وتوجيهه، أو إنه لا يمثل رأيه.
فالكتاب ليس كتابه من ناحية؛ لأنه مجموع مختارات:
والكتاب كتابه من ناحية أخرى؛ لأن هو الذي اختار ورتب ربط المتفرقات.
وهو منقود بسبب الاختيار.
وهو منقود مرة أخرى بسبب الربط والتوجيه.
وقَلَّ أن ألف رجل كتابا على هذا المنهج ثم سلم من النقد الشديد.
والمؤلف هنا فرنسي. والفرنسي، مهما بلغ علمه، ومهما قيل عن تجرده لا يمكن أن ترضى نفسه بإنصاف العرب والمسلمين بحال!